التاريخ : الجمعة 26-04-2024

الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    |     مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    |     جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    |     مئات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    |     الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    |     أبو الغيط يرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول "الأونروا"
وثائق و دراسات » تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967

 

 

 

الأمم المتحدة

A/HRC/25/67

الجمعية العامة

Distr.: General

13 January 2014

Arabic

Original: English

       

مجلس حقوق الإنسان

الدورة الخامسة والعشرون

البند 7 من جدول الأعمال

حالة حقوق الإنسان في فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى

              تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ريتشارد فولك

          موجز

         هذا التقرير هو التقرير الختامي الذي يقدمه المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ريتشارد فولك، وفقاً لقرار لجنة حقوق الإنسان 1993/2ألف وقرار مجلس حقوق الإنسان 2/102. ويتناول المقرر الخاص في التقرير مسألة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، والجدار في سياق الذكرى العاشرة لصدور فتوى محكمة العدل الدولية، ويبحث سياسات وممارسات إسرائيل في فلسطين المحتلة في ضوء حظر العزل والفصل العنصري. وهو يتصدى أيضاً لبواعث القلق المتصلة بتدهور حالة حقوق الإنسان للفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار الإسرائيلي في قطاع غزة.

 

المحتويات

                                                                                                                                                                          الفقـرات             الصفحة

          أولاً -    مقدمة........................................................................        1-9               3

          ثانياً -    الجدار وفتوى عام 2004....................................................        10-21           6

          ثالثاً -    المستوطنات الإسرائيلية وتفتيت فلسطين المحتلة.................................        22-47         10

         رابعاً -    قطاع غزة......................................................................        48-50         18

       خامساً -    مسألة الفصل العنصري والعزل.................................................        51-77         19

       سادساً -    ملاحظات ختامية............................................................        78-80         27

        سابعاً -    توصيات......................................................................        81              28

     أولاً-   مقدمة

1-     يود المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 أن يشدد في تقريره الختامي المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان على أهمية ولايته من حيث إنها تجعله شاهداً مستقلاً على الآثار المتغيرة الناجمة عن استمرار إسرائيل في احتلال فلسطين. وتتركز هذه الشهادة على تقديم المعلومات الواردة عن استمرار الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتتيح سجلاً لانتهاكات إسرائيل وموقفها الذي ينم عن التحدي، وتحث الأمم المتحدة على القيام بخطوات لضمان الامتثال. وينبغي تذكّر أن معاناة شعب فلسطين مرتبطة ارتباطاً لا ينفصم بترتيبات التقسيم التي اقترحتها الأمم المتحدة في البداية عام 1947، والتي لم تنفذ قط أو تنقح بطريقة تراعي بالكامل حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه غير القابل للتصرف في تقرير مصيره.

2-     ولسوء الحظ رفضت إسرائيل التعاون حتى بالقدر الأدنى مع هذه الولاية بحيث تسمح للمقرر الخاص بدخول فلسطين المحتلة على مدى السنوات الست الماضية، أو تردّ على النداءات العاجلة العدة التي تناولت حالات محددة لم تكن تحتمل التأجيل وكانت تدخل في نطاق الولاية. فقد طُرد هذا المقرر الخاص في عام 2008 وهو يحاول دخول إسرائيل للاضطلاع بمهمة في إطار الولاية تقتضي زيارة فلسطين المحتلة، وقضى الليلة محتجزاً في ظروف حبس كريهة. ويشكل عدم التعاون المهينُ هذا إخلالاً بواجب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة القانوني المتمثل في تيسير جميع المهام الرسمية للمنظمة. ورغم أنه تسنى الحصول على المعلومات اللازمة لإعداد تقرير عن حالة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال، فإن عدم التعاون يحرم الولاية من التفاعل المباشر، بما في ذلك تلقي شهادات عن انتهاكات القانون الدولي من ممثلين للشعب الفلسطيني. ويُؤمل أن يحصل المقرر الخاص الذي سيخلف هذا المقرر الخاص في منصبه على ما يكفي من دعم مجلس حقوق الإنسان لحمل إسرائيل على التعاون وأن توفر له حماية أفضل من التي حظي بها صاحب الولاية الحالي إزاء حملات التشهير التي تشنها بعض المنظمات غير الحكومية.

3-     القانون الدولي. تمثل أحد المواضيع الثابتة في التقارير التي قدمها المقرر الخاص على مدى السنوات الست الماضية في استمرار إسرائيل في عدم امتثال المعايير القانونية الواضحة التي ترد في اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب (اتفاقية جنيف الرابعة) وفي غيرها من مصادر القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. ويتجلى هذا النمط على نحو سافر، كما سيرد شرحه أدناه، في التعامل مع مسائل الجدار والمستوطنات والقدس الشرقية وقطاع غزة وموارد المياه والأراضي وحقوق الإنسان للفلسطينيين الذين يعيشون تحت وطأة الاحتلال. ويُذكر في هذا السياق أيضاً فشل الأمم المتحدة في ضمان تنفيذ التوصيات المتعلقة بالقانون الدولي والواردة في التقريرين البارزين الصادرين عن مجلس حقوق الإنسان في عامي 2009 و2013، الذين قدمتهما على التوالي بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة (A/HRC/12/48) وبعثة تقصي الحقائق من أجل التحقيق في آثار بناء المستوطنات الإسرائيلية على حقوق الإنسان (A/HRC/22/63). ويقوض هذا النمط، بقدر ما هو مقبول، احترام حقوق الإنسان.

4-     فلسطين. في ضوء اعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بفلسطين دولة غير عضو لها صفة مراقب في قرار الجمعية 67/19 المؤرخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، يبدو من المناسب الإشارة إلى الإقليم الخاضع للاحتلال الإسرائيلي باسم "فلسطين" عوضاً عن "الأراضي الفلسطينية المحتلة". ويؤكد تغير المفردات هذا أيضاً عدم ملاءمة الإطار القانوني الدولي المتاح للتصدي لحالة الاحتلال المطول المستمرة منذ ما يربو على 45 سنة. ولا بد من اعتماد خطوات وإجراءات خاصة تمنح الحقوق وترسي سيادة القانون. ويبدو كذلك أن الغاية من المضي لأجل غير مسمى في فرض احتلال غاشم ينطوي على عناصر عقابية عديدة تتمثل في حمل السكان على مغادرة فلسطين، وهو ما يتماشى مع الأهداف التوسعية الاستعمارية الرامية إلى التطهير العرقي التي تتوخاها إسرائيل بشكل ظاهر، وبخاصة فيما يتعلق بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.

5-     مسؤولية الشركات. أبرزت تقارير حديثة الصدور التبعات التي يمكن أن تتحملها الشركات والمؤسسات المالية التي تشارك في بناء المستوطنات الإسرائيلية أو تستفيد منه. فإنشاء المستوطنات ونموها المستمر أمر ينتهك المادة 49(6) من اتفاقية جنيف الرابعة، وهو تقييم عاضدته محكمة العدل الدولية في فتواها الصادرة في عام 2004 بشأن الجدار. وقد حاولت هذه المبادرة في جميع المراحل التعاون مع الجهات الفاعلة الاقتصادية المشاركة، وأقرت بحالات امتثلت فيها تلك الجهات القانون الدولي والمبادئ التوجيهية التي وضعتها الأمم المتحدة بهذا الخصوص وبتعبير الحكومات والاتحاد الأوروبي المشجع في الفترة الأخيرة عن دعمها لهذه الالتزامات الناشئة. ويتماشى هذا الاتجاه أيضاً مع التعبئة الاجتماعية التي يقوم بها المجتمع المدني في إطار مبادرات متنوعة، لا سيما حملة المقاطعة وإزالة الاستثمار والعقوبات المتنامية، ويعزز هذه الجهود.

6-     "حرب المشروعية". في إطار السعي إلى إعمال حقوق الفلسطينيين في ظل الاحتلال المطول، ثمة أسباب متزايدة للاعتقاد بأن الأوضاع تتسم بالجمود التام إن لم نقل إنها تتدهور، على الرغم من سلطة القانون الدولي والإرادة التي عبرت عنها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. زد على ذلك أن الفلسطينيين أخذوا يفقدون الأمل في المقاومة المسلحة والدبلوماسية الحكومية الدولية التقليدية. فتحولت آمالهم في إعمال حقوقهم الأساسية إلى خوض "حرب من أجل المشروعية"، تقوم على كفاح على الصعيد العالمي في سبيل الهيمنة على النقاش المتعلق بالاستحقاقات القانونية والممتلكات المعنوية في سياق النزاع، وهو كفاح مدعوم بحركة تضامن عالمي بدأت تؤثر في الرأي العام. وللأمم المتحدة دور حاسم ينبغي أن تؤديه في هذه العملية بدعمها المطالبات الفلسطينية بالحقوق وبتوفير تقييمات لما يقترن بذلك من تظلمات ناجمة عن خرق إسرائيل مبادئ ومعايير القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

7-     اللغة. يعتقد المقرر الخاص أن اللغة المستخدمة للنظر في الظُلامات الفلسطينية المتصلة بخرق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان لا بد أن تعكس الحقائق اليومية، لا أن تظل رهينة الصيغ التقنية والعبارات الملطفة التي تحجب المعاناة الإنسانية التي تسببها الانتهاكات. لذا يبدو من المناسب وصف القيود المفروضة بصورة غير قانونية على سكان الضفة الغربية بالإشارة إلى "ضم الأراضي" و"الطموحات الاستعمارية" بدلاً من "الاحتلال". ويناقش بمزيد من التفصيل فيما يلي ما إذا كانت تلك القيود تشكل "فصلاً عنصريا". وهذه التوضيحات على مستوى اللغة تعزز ما يُزعم من أن من الملحّ بذل المزيد من الجهود المنسقة داخل هيئات الأمم المتحدة في سبيل إعمال حقوق الشعب الفلسطيني.

8-     حالة الطوارئ في غزة. أسفرت التطورات في المنطقة، إذ اقترنت بالحصار غير القانوني المستمر منذ منتصف عام 2007، عن حالة طوارئ خطيرة تهدد جميع السكان في قطاع غزة. ومن منظار القانون الدولي، تظل غزة "محتلة"، كما ورد في تقارير سابقة (A/HRC/20/32)، رغم تنفيذ إسرائيل خطتها المتمثلة في "فك الارتباط" في عام 2005، وذلك بسبب السيطرة على الحدود والمجال الجوي والمياه الساحلية، وبسبب الغارات العسكرية الدورية. والوضع الحالي دقيق، إذ يتسبب قصور البنية الأساسية الكبير في مشقة يومية للسكان، الذين يتعرضون كذلك لخطر الأوبئة. وفي وقت كتابة هذا التقارير، كانت كميات الوقود التي تصل إلى غزة غير كافية، ولم تكن الكهرباء متاحة إلا فترات وجيزة، بحيث يتعذر على المستشفيات تقديم العلاج المناسب للمصابين بأمراض خطيرة كالسرطان والاعتلالات الكلوية. ويتفاقم الوضع باستمرار التوترات بين السلطة الفلسطينية والسلطات الحاكمة في غزة وبتوقف التعاون على الحدود مع مصر. فقد أفضت الهواجس الأمنية المصرية إلى تشديد القيود في معبر رفح، وإلى تدمير مجمّع الأنفاق جنوبي غزة بعد أن كان قد خفف بعض الصعوبات الناجمة عن الحصار. واستجابت بعض البلدان، لا سيما تركيا وقطر، إلى هذا الوضع بتوفير خدمات الإغاثة في حالات الطوارئ، لكن الأوضاع تستلزم قدراً أكبر بكثير من المساعدة، بما في ذلك الضغط على إسرائيل من أجل إنهاء الحصار غير القانوني.

9-     الطابع الملحّ. تتمثل الحقيقة الصارخة في أن سكان غزة الخاضعين للاحتلال والحصار، وأكثر من نصفهم أطفال، لا يتلقون ما يستحقونه من حماية بموجب القانون الدولي الإنساني، الذي يفرض على سلطة الاحتلال واجباً عاماً بأن تتصرف على نحو يحمي السكان المدنيين من الضرر. وبالنظر إلى إخلال إسرائيل بهذه الالتزامات الواردة في اتفاقية جنيف الرابعة، يتعين على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عامة اتخاذ إجراءات عاجلة. فالمبادئ الكامنة في مفهوم المسؤولية عن الحماية تنطبق بصورة خاصة فيما يبدو على ظروف الطوارئ التي تعيشها غزة حالياً، والتي تنقلها إلى العالم صور المجاري في الشوارع، والفيضانات العارمة، والبرد الموسمي بل الثلج أحياناً، والأطفال المتخبطون في كل ذلك.

     ثانياً-   الجدار وفتوى عام 2004

10-   في شهر تموز/يوليه 2014، ستكون عشر سنوات قد مرت على إصدار محكمة العدل الدولية فتواها المعتمدة بشبه الإجماع بخصوص الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأرض الفلسطينية المحتلة (A/ES/-10/273 وCorr.1). ويشكل رفض إسرائيل تنفيذ هذا الحكم من أحكام القانون الدولي، وقد صدر عن أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، مبعث قلق شديد.

11-   وقد كان السؤال الذي طرحته الجمعية العامة على المحكمة كالتالي: "ما هي الآثار القانونية الناشئة عن تشييد الجدار الذي تقوم به إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بإقامته في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في القدس الشرقية وحولها، على النحو المبين في تقرير الأمين العام، وذلك من حيث قواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة؟"([1]). وكان رد محكمة العدل الدولية قاطعاً. فقد خلصت إجمالاً إلى أن تشييد الجدار في فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والنظام المقترن به مخالفان للقانون الدولي. وتمثلت النقطة الحاسمة في أن إسرائيل ما كانت لتخالف القانون ببناء جدار أمني على حدود دولية قائمة، لكن تعديها الأحادي الجانب على إقليم محتل في عام 1967 شكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي. وقالت المحكمة إن إسرائيل تتحمل على الدوام واجب الوفاء بالتزاماتها الدولية في هذا الصدد. وخلصت إلى أن إسرائيل ملزمة بإنهاء الوضع غير القانوني ووقف البناء وتفكيك الجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة، وبجبر جميع الأضرار الناتجة عن بناء الجدار (A/ES-10/273 وCorr.1، الفقرة 145).

12-   وإضافة إلى الاستنتاجات المتعلقة بالتزامات إسرائيل، قالت المحكمة إن جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناشئ عن بناء الجدار وإن الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة ملزمة بضمان امتثال إسرائيل أحكام تلك الاتفاقية. وأخيراً، اقترحت المحكمة أن تنظر الأمم المتحدة، وبخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن، في المزيد من الإجراءات بهدف التغلب على هذا الوضع غير القانوني الناشئ عن بناء الجدار والنظام المقترن به (المرجع السابق، الفقرة 163(3)(دال) و(هاء)).

13-   وفي استخفاف واضح بالقانون الدولي، واصلت إسرائيل تشييد الجدار، وهي تبقي في موقعه الشبكي على خريطة مؤرخة 30 نيسان/أبريل 2006 تبين مساره المنقح([2]). وفي وقت صدور الفتوى، كان قد شُيد من الجدار قرابة 180 كيلومتراً بحسب تقديرات الأمين العام (A/ES-10/273 وCorr.1، الفقرة 82). ومنذ ذلك الوقت، عُدّل مسار أجزاء منه([3]). وفي عام 2013، أفاد الأمين العام بالانتهاء من بناء قرابة 62 في المائة من الجدار (A/68/502، الفقرة 22). وكانت نسبة 10 في المائة إضافية منه قيد البناء، بينما لم يكن قد بدأ تشييد نسبة 28 في المائة المتبقية من المسار المقرر. ومن المتوقع أن يمتد الجدار عند اكتماله على زهاء 708 كيلومترات.

14-   ويقع نحو 85 في المائة من المسار المقرر للجدار داخل الضفة الغربية، وسوف يفصل ويعزل 9.4 في المائة من أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وما يسمى المنطقة الحرام([4]). وتعاني الجماعات الفلسطينية المتأثرة بالجدار درجات متفاوتة من العزلة والقيود المفروضة على حرية تنقلها. ويقتضي نظام التصاريح المقترن بمنطقة التماس([5]) من الفلسطينيين أن يطلبوا باستمرار تصاريح مؤقتة تسمح لهم بمواصلة الإقامة في مناطق سكنهم وقضاء شؤون حياتهم التي تستدعي دخول منطقة التماس أو الخروج منها. فلا بد من الحصول على إذن مسبق من السلطات الإسرائيلية للوصول إلى الأراضي الزراعية الواقعة وراء البوابات الخاضعة للطرف الإسرائيلي، أو للذهاب إلى العمل والعودة منه، أو الحصول على التعليم والخدمات الصحية وغيرها من الخدمات، أو زيارة الأقارب والأصدقاء، أو ترتيب زيارات الفلسطينيين غير المقيمين للجماعات المقيمة. ويكلف إجراء التصاريح هذا العديد من الفلسطينيين مشقة يومية([6]).

15-   وتفيد وزارة الدفاع بأن "الجدار الأمني لا يضم أراضي إلى دولة إسرائيل ولن يغير صفة المقيمين في تلك المناطق"([7]). وتتمسك إسرائيل بأن الغاية من الجدار هي ضمان وحماية المواطنين الإسرائيليين من الهجمات الإرهابية. وفي عام 2011، أيدت محكمة العدل الإسرائيلية هذا المنطق الأمني برفض طلبات منظمات غير حكومية ادعت أن نظام التصاريح يتوخى انتزاع الممتلكات وضم أراض فلسطينية، زاعمة أن اقتصار تطبيقه على الفلسطينيين، دون المستوطنين في المنطقة مثلاً، إجراء تمييزي شبيه بقوانين التصاريح في جنوب أفريقيا أيام الفصل العنصري([8]). غير أن إعلان المحكمة لا يعلو على ما خلصت إليه محكمة العدل الدولية من أن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الفلسطينيين جراء بناء الجدار في الأرض الفلسطينية المحتلة ليست ضرورية لتلبية المتطلبات الأمنية الإسرائيلية المشروعة (A/ES/-10/273 وCorr.1، الفقرة 136).

16-   وإذا كانت حماية المواطنين الإسرائيليين بالفعل السبب الوحيد لبناء الجدار وإقرار النظام المقترن به، فإن ذلك يحمل على التساؤل عما يدفع إسرائيل إلى مواصلة دعم توسع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية الذي يستدعي نقل عدد من المواطنين الإسرائيليين إلى المنطقة ذاتها التي تقول إن الخطر نابع منها. ويبدو أن تواصل الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، التي يقطعها الجدار ينشئ حالة أمر واقع تشكل توسعاً فعلياً، وقد أثار ذلك قلقاً شديداً لدى مجلس حقوق الإنسان، الذي طالب إسرائيل بامتثال مضمون الفتوى (قرار المجلس 22/26).

17-   أما السكان الفلسطينيون الذين يعزلهم الجدار عن باقي الضفة الغربية ويخضعون لنظام التصاريح وقيود أخرى فلا يرون المسألة على أنها مسألة وضع فحسب، وإنما مسألة حياة باتت لا تطاق، ما حدا عدداً متزايداً من الفلسطينيين إلى الرحيل والتخلي عن أراضيهم. وعلى سبيل المثال، يقال إن قرية النبي صموئيل حاولت طيلة سنوات إصلاح مدرسة القرية. وموقع القرية في منطقة التماس يعقد الوصول إلى التعليم خارجها. وقد صرحت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسقة المساعدات الطارئة، عند زيارتها القرية في عام 2011، قائلة: "أشعر بالفزع من الطريقة التي يؤثر بها الجدار على الفلسطينيين. إنه يقسّم المجتمعات ويمنع تأمين الخدمات. لقد زرت مدرسة مكونة من غرفة واحدة لا توجد فيها نوافذ وعدد قليل جداً من المرافق التي لا يمكن تطويرها لأن القوانين لا تسمح بذلك. هذا الوضع غير مقبول"([9]). وفي أيلول/سبتمبر 2013، نجحت القرية في تثبيت حاوية على أرضية المدرسة تُستخدم كقاعة درس إضافية. غير أن المدرسة معرضة اليوم لخطر فقدان إحدى قاعتيها بسبب عدم الحصول على رخصة بناء([10]). وتتسبب ظروف المعيشة المضنية هذه في رحيل سكان أقاموا في المنطقة منذ زمن طويل. وفي عام 2012، لاحظ مجلس القرية أن ما لا يقل عن 10 أسر غادرت القرية على مدى العقد الماضي، وهو ما يعادل نحو 260 ساكناً([11]).

18-   ويتجسد مثال آخر في منازل قرية النعمان وعددها قرابة 25 منزلاً. وهي قرية محاطة بالجدار أيضاً، ولا يمكن دخولها إلا من نقطة تفتيش إسرائيلية، كما يُمنع فيها نشاط البناء بلا رخص، ما يحول فعلياً دون نمو الأسر وتزايد عدد سكان القرية، إذ لا يمكن تلبية الاحتياجات السكنية([12]). ونتيجة لذلك، شهد سكان القرية انخفاض عددهم وهم يرقبون النمو المطرد لمستوطنة هار حوما غير القانونية المجاورة في الأرض المحتلة. وفي عام 2006، نشرت منظمة الحق دراسة حالة بشأن ما يحدث في النعمان من إخلاء قسري غير مباشر([13]). وليس هذان إلا مثالين ملموسين على العقبات التي تواجهها الجماعات يومياً. وفي عام 2012، أفادت تقديرات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن قرابة 500 7 فلسطيني ما زالوا يعيشون في منطقة التماس([14])، بعد أن كانوا 000 10 نسمة في عام 2003([15]). وتفيد التقديرات بأن عدد الفلسطينيين في منطقة التماس سيبلغ 000 25 نسمة عند اكتمال الجدار، دون حساب الفلسطينيين المقيمين في القدس الشرقية([16]).

19-   وكثيراً ما تُقمع بالعنف المظاهرات المتواتر تنظيمها في القرى المتأثرة تنديداً بالجدار والنظام المقترن به([17]). ويرد في موقع شبكي لقرية بلعين الزراعية الوصف التالي لكفاح أهاليها: "تكافح [بلعين] من أجل الحفاظ على أراضيها وأشجار زيتونها ومواردها ... وحريتها ... ويتظاهر أهالي بلعين سلمياً كل جمعة أمام "موقع أشغال العار"، مدعومين بنشطاء إسرائيليين ودوليين. ويرد الجيش الإسرائيلي كل جمعة باستخدام العنف المادي والنفسي"([18]).

20-   ويتجلى تأثير الجدار في حياة الأفراد في التقرير المرحلي الصادر عن مجلس ﺳﺠﻞ ﺍﻷﻣﻢ المتحدة ﻟﻸﺿﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻋﻦ ﺗﺸﻴﻴﺪ ﺍﳉﺪﺍﺭ ﰲ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ المحتلة (انظر الوثيقة A/ES-10/599). وبحلول حزيران/يونيه 2013، كانت قد وردت 803 36 استمارة مطالبة بتسجيل الأضرار، ولم تكن سوى 576 مطالبة من أصل 000 9 مطالبة فصل فيها تستوفي شروط الأهلية بإدراجها في السجل. ويجوز لأصحاب المطالبات تقديم مطالبات ضمن فئات خسائر منها: الزراعة، والتجارة، والسكن، والعمل، والحصول على الخدمات، والموارد العامة([19]).

21-   وأوصى المقرر الخاص في تقريره الأول إلى الجمعية العامة بالتماس مساعدة مجلس الأمن لتنفيذ الفتوى (A/63/326، الفقرة 51(ب)). وحيال الفتوى القاطعة الصادرة عن محكمة العدل الدولية وقرار الجمعية العامة دإط-10/15، الذي ناشدت فيه الجمعية إسرائيل التقيد بالفتوى، ما انفكت إسرائيل تتصرف بتحدّ كما لو كانت سياساتها وسلوكها خارج طائلة القانون الدولي والسلطة القضائية الدولية. وباقتراب الذكرى العاشرة لصدور الفتوى، حان الوقت مرة أخرى للتباحث في الإجراءات المشروعة التي يمكن أن يتخذها المجتمع الدولي كي تتقيد إسرائيل بالقانون الدولي على نحو ما عرضته محكمة العدل الدولية. وكثيراً ما يُفترض أن الاستنتاجات القانونية للمحكمة لا تؤثر على حالة الالتزامات الدولية لإسرائيل لكونها قد وردت في "فتوى". وهذا خطأ. ذلك أن فتاوى محكمة العدل الدولية لها من الأثر الحاسم، من حيث سلطة القانون الدولي، ما لحكم صادر في منازعة بين دولتين أو أكثر، غير أن الفتوى، بخلاف الأحكام الصادرة في المنازعات بين الدول، لا يمكن إنفاذها بصورة مباشرة بالاعتماد على المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة. غير أن هذا الفرق لا يضعف التزام إسرائيل بالتصرف وفقاً لهذا القرار الحاسم رسمياً في التزامات قانونية دولية، وتقصيرها في ذلك يجعلها في خرق للقانون الدولي ويحملها المسؤولية عما يلحق بالشعب الفلسطيني من أضرار تراكمية. ولقد آن للأمم المتحدة منذ زمن أن تتخذ إجراءات ترمي إلى حماية حقوق الشعب الفلسطيني وتقرّ بحرمة ترابه وعلاقة ذلك بالحق الأساسي في تقرير المصير.  

     ثالثاً-   المستوطنات الإسرائيلية وتفتيت فلسطين المحتلة

                 وقائع ميدانية

22-   يكتسي احتلال إسرائيل التوسعي المطول لفلسطين منذ 46 عاماً طابعاً خاصاً يتمثل في استمرار إسرائيل الحازم في بناء المستوطنات والتوسع في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، غير عابئة بالتزاماتها بموجب القانون الدولي (A/68/513، الفقرتان 4 و5). وقد تجلى ذلك بوضوح في استنتاجات البعثة الدولية لتقصي الحقائق من أجل التحقيق في آثار بناء المستوطنات (A/HRC/22/63). وعلى مدى السنوات الست الماضية، أبلغ المقرر الخاص بصفة دورية عن توسع المستوطنات والبؤر الاستيطانية([20]) في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية (وهو ما يشكل خرقاً لالتزام إسرائيل بتجميد توسع المستوطنات، بما في ذلك النمو الطبيعي، بموجب خريطة الطريق التي وضعتها المجموعة الرباعية في عام 2003)، وعن آثار السياسات والممارسات المتصلة بذلك على حقوق الإنسان للفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض المحتلة([21]). ويدّعي المعسكر المؤيد للمستوطنات أن "المستوطنات ليست المشكلة"([22])، لكن هذا الرأي يتعارض بوضوح مع الوقائع في الميدان.

23-   ويتزايد تفتيت الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بواسطة توليفة من السياسات والممارسات تشمل على سبيل الذكر وليس الحصر: الجدار؛ وإنشاء مناطق التماس، ونقاط التفتيش؛ وتقييد تقسيم الأراضي والتخطيط؛ وهدم المنازل والإجلاء القسري (لا سيما في حالة جماعات البدو الموجودة في المنطقة جيم)؛ وسحب حقوق الإقامة؛ وتحويل مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية إلى مناطق عسكرية مغلقة أو محميات طبيعية؛ وانتزاع الأراضي من أصحابها لتحويلها إلى أراض زراعية تابعة للمستوطنين أو إلى مناطق صناعية. وهذا التفتيت من شأنه أن يحول بلا رجعة دون تواصل الضفة الغربية، ويقوض من ثم الحل العادل والمستدام القائم على دولتين([23]).

24-   ووجهت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية غير الحكومية الانتباه إلى "طفرة المستوطنات في عهد بيبي" في عام 2003، وأفادت بنشر عطاءات لبناء 472 3 وحدة جديدة في مستوطنات، وبدعم خطط لبناء 943 8 وحدة استيطانية جديدة في الأشهر الثمانية التي تلت تولي حكومة نتنياهو السلطة في آذار/مارس 2013([24]). ورغم وقف وجيز ومحدود لبناء المستوطنات لفترة عشرة أشهر في عام 2010 أثناء آخر جولة من محادثات السلام الفاشلة (وهو قرار أثبت أيضاً قدرة إسرائيل على وقف النشاط الاستيطاني إن أرادت ذلك) طرحت إسرائيل عطاءات لبناء 302 5 وحدة سكنية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أثناء الفترة من آذار/مارس 2009 إلى كانون الثاني/يناير 2013([25]).

25-   وكان توقيت الإعلانات المتعلقة بتوسع مستوطنات استفزازياً أيضاً، إذ تزامن آخر إعلانين مع الجولتين الأولى والثانية من إفراج إسرائيل عن سجناء فلسطينيين في سياق مفاوضات السلام الجديدة التي بدأت في آب/أغسطس 2013. ولم يكن مرور الوقت في أثناء الوضع الراهن عاملاً محايداً بالنسبة إلى الفلسطينيين، إذ يظهر يومياً مزيد "من الوقائع الميدانية" التي تعزز موقع إسرائيل في أسلوبها التفاوضي المفضل القائم على القوة (عكس المفاوضات القائمة على الحقوق والقانون الدولي). ورغم احتجاجات الأمم المتحدة، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية([26]) والاتحاد الأوروبي، على النشاط الاستيطاني، تواصل إسرائيل استخدام سلطة الدولة ومواردها لدعم سياساتها الاستيطانية القائمة على التحدي. ووصف الأمين العام إسرائيل بأنها تؤدي دوراً قيادياً في بناء المستوطنات وتوسعها (الوثيقة A/68/513، الفقرة 3).

26-   ومن المهم ذكر هذا العامل الأخير في حال تقرر إزالة المستوطنات القائمة في إطار اتفاق سلام. ويمكن تصنيف قرابة نصف المستوطنات الموجودة في الضفة الغربية بحسب نوعها إما في فئة "نوعية المعيشة" أو مزيج من "نوعية المعيشة والدوافع الإيديولوجية"، وهي مستوطنات عادة ما يقطنها مستوطنون معظمهم غير متدينين أو مزيج من المتدينين وغير المتدينين([27]). وقد يكون باستطاعة إسرائيل أن تعيد تشجيع المستوطنين القادمين لأغراض اقتصادية، الذين أُقنعوا بالانتقال إلى مستوطنات الضفة الغربية بواسطة إعانات وحوافز حكومية شتى، على إعادة الاستيطان غربي حدود إسرائيل لما قبل عام 1967. غير أنه سيكون من الأصعب عليها إجلاء المستوطنين الأكثر تديناً المقيمين في حوالي 70 مستوطنة في الضفة الغربية، لا سيما بنمو أعداد سكان المستوطنات (2.8 في المائة) الذي مازال يفوق بكثير نمو السكان في إسرائيل([28]). ولا يزال غير معروف أيضاً ما إذا كانت الوحدة الناشئة بين المستوطنين تحول دون تنفيذ اتفاق سلام مقبل يقوم على حمل المستوطنين الاقتصاديين على العودة إلى إسرائيل. ويمكن بلا شك توقع أن يبذل المستوطنون الإيديولوجيون قصارى جهدهم لمنع مثل هذا الانقسام وتنفيذ مثل هذا الاتفاق.

27-   وكانت أقلية صغيرة من المستوطنين الإيديولوجيين مسؤولة عن معظم أعمال العنف المرتكبة في حق رجال ونساء وأطفال فلسطينيين وأعمال العنف التي استهدفت بيوتهم وممتلكاتهم. وفي الأشهر العشرة الأولى من عام 2013، أُبلغ عن 361 حادثاً من حواث عنف المستوطنين، أسفر 87 منها عن إصابة فلسطينيين (مقارنة بما مجموعه 366 حادثاً في عام 2012)([29]). ووقع معظم هذه الحوادث في محافظات نابلس ورام الله والخليل. ويعزز عنفَ المستوطنات نقصُ المحاسبة وما يتصل بذلك من تقصير قوات إنفاذ القانون الإسرائيلية في حماية جماعات الفلسطينيين الضعيفة (الوثيقة A/68/513، الفقرات من 42 إلى 52).

28-   وواكب هدم المنازل وتشريد الجماعات الفلسطينية أيضاً طفرة المستوطنات في عام 2013. ففي الفترة من كانون الثاني/يناير إلى تشرين الأول/أكتوبر 2013، هُدم 533 منزلاً وهيكلاً معيشياً فلسطينياً، منها 205 هياكل سكنية، ما أسفر عن تشريد 969 شخصاً، منهم 441 طفلاً. ولم تسلم من الهدم الهياكل الممولة من جهات مانحة دولية، وهي هياكل تحمل تكلفتها دافعو ضرائب من جميع أنحاء العالم وهدمت السلطات الإسرائيلية 96 هيكلاً ممولاً من جهات مانحة، بما يشمل مرافق سكن ومياه وصرف صحي وتربية ماشية في الضفة الغربية.

29-   وتأثرت المجتمعات الرعوية المقيمة في القرى الصغيرة في المنطقة جيم تأثراً خاصاً بهذه الممارسات الإسرائيلية. وفي عام 2013، أدانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في مناسبتين تدمير ما لا يقل عن ثلاثة تجمعات بدوية ورعوية في شمال غور الأردن([30]). وتصل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي إلى حد تعمد منع المساعدة الإنسانية العاجلة التي يقدمها المجتمع الدولي إلى الجماعات الفلسطينية المتأثرة([31]).

                 مستقبل البؤر الاستيطانية

30-   في تموز/يوليه 2012، أصدرت اللجنة التي عينتها الحكومة لبحث حالة البناء في الضفة الغربية والتي يرأسها قاضي المحكمة العليا إدموند ليفي (لجنة ليفي)، تقريرها المتعلق بالوضع القانوني للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وعرضت على وجه الخصوص ما توصي به من خطوات لتسوية الوضع القانوني لبناء "المستوطنات غير القانونية" (البؤر الاستيطانية) في الضفة الغربية (ويفوق عددها حالياً 100 مستوطنة). وخلصت اللجنة إلى أن قوانين الاحتلال الدولية، بما فيها اتفاقية جنيف الرابعة، لا تنطبق على حالة إسرائيل الفريدة في يهودا والسامرة (وهو الاسم المطلق على الضفة الغربية في الخطاب الإسرائيلي الداخلي والمحيل إلى ارتباط مزعوم بالكتاب المقدس)، وأن من حق الإسرائيليين قانوناً الاستيطان في الضفة الغربية على الرغم من توافق الآراء الدولي.

31-   ولم تظهر استنتاجات لجنة ليفي استخفافاً بالقانون الدولي فحسب بل أقرت اعترافاً رجعياً شبه قانوني بالبؤر الاستيطانية، التي يمنعها القانون الإسرائيلي رسمياً. وفي الواقع رأت اللجنة أن البؤر الاستيطانية القائمة "تنشأ بعلم وتشجيع وموافقة ضمنية من معظم كبار السياسيين ووزراء الحكومة ورئيس الوزراء، ويفترض من ثم أنها تحظى بالموافقة"([32]). وقد سبق هذا التقرير تقرير صادر في عام 2005 عن رئيسة النيابة العامة سابقاً تاليا ساسون بشأن البؤر الاستيطانية غير القانونية، وهو تقرير لم يذهب إلى حد إقحام أكبر سياسيي البلد، لكنه استنتج تورط المنظمة الصهيونية العالمية (الممولة بالكامل من خزانة الدولة) ووزارة الإعمار والإسكان، والإدارة المدنية في يهودا والسامرة، ومساعد وزير الدفاع في إنشاء بؤر استيطانية جديدة غير مرخص لها، وأشار إلى بيروقراطية غير منتخبة تتولى إنشاء بؤر استيطانية جديدة دون رخصة أو رقابة قانونية([33]).

32-   ويلاحظ المقرر الخاص أنه على الرغم من أن تقرير ساسون وصف البؤر الاستيطانية بأنها غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي وأوصى بتفكيكها، فإن التطورات الميدانية منذ ذلك الحين أظهرت أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة فضلت اتباع النهج الذي تبنته لاحقاً لجنة ليفي. وتقع 180 وحدة، من أصل 708 1 وحدات مشيّدة في مستوطنات الضفة الغربية في النصف الأول من عام 2013، داخل بؤر استيطانية (انظر الوثيقة A/HRC/25/38). وفي أيار/مايو 2013، أعلنت إسرائيل عن خطط لتسوية الوضع القانوني لأربع بؤر استيطانية في الضفة الغربية (ما يعني بعبارة أخرى الاعتراف بها كمستوطنات رسمية)([34]). ولم تعتمد حكومة نتنياهو قط تقرير ليفي، لكن لجنة الكنيست المعنية بالدستور والقانون والعدالة من المتوقع أن تناقش التقرير في بداية كانون الأول/ديسمبر 2013، وهو ما ينم عن اهتمام جدي بهذا التقرير على أعلى المستويات في إسرائيل([35]).

                 "التوازن الديمغرافي" في القدس الشرقية

33-   يظل وضع القدس الشرقية إحدى أكثر المسائل إثارة للجدل من بين المسائل التي يتعين تسويتها في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويجدر التذكير بأن مجلس الأمن أكد في قراره 478(1980) أن قانون إسرائيل الأساسي الذي يعلن القدس، بما فيها المنطقة المضمومة، عاصمة لإسرائيل يشكل انتهاكاً للقانون الدولي ولا يؤثر في تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة في فلسطين، بما فيها القدس الشرقية.

34-   ويعتبر الفلسطينيون المقيمون في القدس الشرقية أن وضعهم ما كان ليكون بتلك الهشاشة، رغم عدم شرعية ضم القدس، لو أنهم كانوا يعاملون بمساواة ويحصلون على خدمات جيدة في مجالات التعليم والرعاية الصحية والسكن. والواقع أن الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية يعتبرون "مقيمين دائمين" ويخضعون لعملية تطهير إثني تدريجية وبيروقراطية([36]). وقد تجسّد ذلك في إلغاء تصاريح الإقامة، وهدم الهياكل السكنية المبنية من دون رخص إسرائيلية (التي غالباً ما يكون الحصول عليها شبه مستحيل)([37])، وإجلاء الأسر الفلسطينية قسراً، وهو ما يشكل انتهاكاً للحق الأساسي في السكن اللائق، المنصوص عليه في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

35-   وتضمن تقرير صادر في عام 2013 عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية بشأن الاقتصاد الفلسطيني في القدس الشرقية عرضاً مفصلاً للسياسات الإسرائيلية التي عرقلت النمو الطبيعي للاقتصاد الفلسطيني. وأفاد التقرير أيضاً بأن الفلسطينيين يجبرون على دفع ضرائب بلدية مرتفعة لقاء خدمات متدنية وإنفاق عام منخفض بصورة غير متناسبة في القدس الشرقية([38]). ويتجلى ذلك بصفة خاصة في ميدان التعليم، الذي يتسم بنقص قاعات الدرس، وارتفاع في إجمالي معدل التسرب الذي يساوي 13 في المائة في حالة المدارس الفلسطينية في القدس الشرقية وإهمال عام للنظام المدرسي العربي مقارنة بنظيره اليهودي على بُعد أمتار منه في القدس الغربية([39]).

36-   والوضع في القدس الشرقية اليوم مثال مصغر لتفتيت الأراضي الجاري في الضفة الغربية. إذ تسعى إسرائيل بنشاط إلى تقويض الحضور الفلسطيني خدمة لهدفها المتمثل في الحفاظ على أغلبية يهودية في القدس الشرقية. وكانت هذه سياسة إسرائيل طيلة عقود، وهي سياسة تعترف بها بلدية القدس، وتتمثل في الإبقاء على توازن ديمغرافي يقوم على 70 في المائة من اليهود مقابل 30 في المائة من الفلسطينيين في القدس([40]).

37-   وتفيد التقديرات بأن 023 11 فلسطينياً من القدس فقدوا صفة المقيمين وحق العيش في القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1996([41]). وخلال الفترة ما بين عامي 2004 و2013، هُدمت 492 وحدة سكنية في القدس الشرقية، ما أسفر عن تشريد 943 1 فلسطينياً. ولا تتضمن هذه الأرقام سوى الوحدات السكنية المهدومة رسمياً دون حساب المنازل التي هدمها بعض المالكين عقب تلقي أمر بالهدم تجنباً للغرامات البلدية المجحفة وتكاليف الهدم الباهظة المقترنة بهدم بيوتهم([42]).

38-   وتتمثل أكثر الخطط إشكالاً من بين الخطط المعروضة في القدس الشرقية في السنوات الأخيرة في توسيع المستوطنات والبنية الأساسية المحيطة بهار حوما وجيلو وجيفات حماتوس وكذلك كتلة مستوطنات الخطة هاء-1 في اتجاه الشرق، وهو ما يهدد بعزل القدس الشرقية عن باقي الضفة الغربية([43]). ويتوقف تحقيق السلام في نهاية المطاف بشكل حاسم على ضمان عدم المساس أكثر بحقوق الفلسطينيين في القدس الشرقية.

                 تواطؤ الشركات في الجرائم الدولية

39-   على مدى السنتين الماضيتين، ركز المقرر الخاص اهتمامه على الشركات المنخرطة في أعمال تجارية وأنشطة مالية ذات صلة بالمشروع الاستيطاني الإسرائيلي، وعلى إمكانية تواطؤ الشركات في الجرائم الدولية المتصلة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية([44]).

40-   وجرى التركيز على أنشطة الأعمال التجارية في المستوطنات لتحقيق أغراض منها إقرار تدبير للمساءلة فيما يتعلق بالالتزامات الناشئة للشركات تجاه حقوق الإنسان وفقاً للقانون الدولي وللمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان. ولم يتوخ المقرر الخاص توفير أساس قانوني متين يقيّم على أساسه تورط شركات الأعمال التجارية في الجرائم الدولية المتصلة بالمستوطنات فحسب وإنما سعى أيضاً إلى أن يعرض بوضوح مخاطر ذلك النشاط وما يقترن به من تكاليف من حيث السمعة وكذلك النتائج القانونية التي يمكن أن تترتب على مزاولة الأعمال التجارية في المستوطنات.

41-   وكانت الردود الواردة من بعض الشركات من أصل 13 شركة شملها تحليل ورد في تقرير سابق (A/67/379) متباينة. ومع ذلك سُجل عدد من التطورات مؤخراً فيما يتعلق بمشاركة أعمال تجارية أخرى في المستوطنات، وهو ما يدل على أن الضغط العام والاهتمام الإعلامي يأتيان ببعض النتائج الأخلاقية، وما يشجع الحكومات على مزيد الاحتراس.

42-   وتشمل بعض المستجدات الإيجابية في هذا الصدد حالة شركة Royal HaskoningDHV الهولندية التي أعلنت في أيلول/سبتمبر 2013 قرارها إنهاء عقد مع بلدية القدس لبناء محطة لمعالجة مياه الصرف في القدس الشرقية([45]). وفي كانون الأول/ديسمبر، قررت شركة Vitens الهولندية لخدمات المياه قطع علاقاتها بشركة ميكوروت الإسرائيلية الوطنية للمياه، معللة قرارها بشواغل متصلة بامتثال القوانين الدولية([46]). وقبل ذلك استبعد مصرف Nordea السويدي النرويجي من حافظة استثماراته، في آب/أغسطس 2013، شركة Cemex التي ذكرها المقرر الخاص في تقريره السابق، وذلك بسبب استخراج موارد طبيعية غير متجددة من أرض فلسطين المحتلة([47]). وينبغي أن يسترشد المزيد من البلدان والشركات بهذه الأمثلة كي تحذو حذوها، وكي تنبه الحكومات إلى مسؤولياتها عن حث الشركات الخاضعة لسلطتها على أن تتصرف وفقاً للقانون الدولي.

43-   وفي حين تمثل العناية الواجبة من جانب شركات الأعمال التجارية جانباً جوهرياً من مسؤوليتها كشركات، فإن من واجب الحكومات أيضاً، كما أشارت إليه بعثة تقصي الحقائق بشأن المستوطنات، أن تتخذ تدابير لضمان عدم اعترافها بوضع غير قانوني ناشئ عن الأنشطة غير القانونية التي تضطلع بها إسرائيل([48]). وفي هذا الصدد، تمثل المبادئ التوجيهية التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي، والتي تنص على أن جميع الاتفاقات المبرمة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي بخصوص المنح والجوائز والصكوك المالية التي يمولها الاتحاد الأوروبي يجب أن تذكر الآن بوضوح وصراحة عدم انطباقها على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، خطوة في الاتجاه الصحيح.

44-   ويشعر المقرر الخاص بالتفاؤل أيضاً تجاه إصدار حكومة المملكة المتحدة وبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية مؤخراً مبادئ توجيهية للأعمال التجارية تعرض للمرة الأولى مخاطر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية، وتحذر على وجه الخصوص من المخاطر القانونية والاقتصادية النابعة من كون المستوطنات الإسرائيلية تعتبر، من منظار القانون الدولي، مشيدة على أرض محتلة ولا يُعترف بها كجزء شرعي من إقليم إسرائيل([49]).

                 التجارة مع المستوطنات

45-   إن العناية التي أبداها الاتحاد الأوروبي والبعض من الدول الأعضاء فيه بخصوص مسؤولية الشركات العاملة في فلسطين المحتلة تقود بصورة طبيعية إلى طرح الأسئلة التالية: هل تطبق البلدان معايير حقوق الإنسان ذاتها في العلاقات التجارية مع المستوطنات؟ وإذا كانت بيانات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية المنددة بتوسع المستوطنات تكرر انتفاء الصبغة القانونية والشرعية عنها، فينبغي إذن اتخاذ خطوات لضمان أن تعبر الإجراءات ذات الصلة أيضاً عن التزام صادق بحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي، وذلك مثلاً بوقف التجارة مع المستوطنات بدءاً بحظر الواردات من منتجات المستوطنات.

46-   وفي حين لا يحق لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية الاستفادة من المعاملة التعريفية التفضيلية في إطار اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ما زال من الممكن العثور في رفوف العديد من المحلات الكبرى في الاتحاد الأوروبي على منتجات زراعية طازجة مستوردة من المستوطنات - لكنها معرفة زوراً على أنها "مصنوعة في إسرائيل" - وذلك بسبب الطابع الطوعي لمتطلبات وسم البضائع. ونظراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يظل أحد أهم الشركاء التجاريين للمستوطنات، حيث تبلغ قيمة الصادرات السنوية 300 مليون دولار، فإن فرض حظر على منتجات المستوطنات سيكون له أثر كبير. وينبغي أيضاً عدم نسيان أن التجارة مع المستوطنات مرتبطة بانتهاك حقوق الإنسان للجماعات الفلسطينية المحرومة من الوصول إلى الأراضي الزراعية الخصبة والمياه وموارد طبيعة أخرى.

47-   وطالما استمر دعم المستوطنات غير القانونية بواسطة التجارة، لن يكون للبيانات المنددة بتوسع المستوطنات والصادرة عن الشركاء التجاريين الرئيسيين لإسرائيل صدى كبير في أرض الواقع، وسيتواصل تورط دول أخرى في انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين المحتلة.

     رابعاً-   قطاع غزة

48-   في غضون السنوات الست لولاية هذا المقرر الخاص، شهد سكان قطاع غزة عمليتين عسكريتين إسرائيليتين رئيسيتين (عملية الرصاص المصبوب، في الفترة من كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى كانون الثاني/يناير 2009، وعملية ركيزة الدفاع في تشرين الثاني/نوفمبر 2012)، وهم يعانون (منذ حزيران/يونيه 2007) من حصار إسرائيلي غير قانوني. وتكبّد السكان المدنيون الفلسطينيون إصابات وخسائر فادحة جراء هاتين العمليتين. ولقد وثّقت الأمم المتحدة هذه الأحداث توثيقاً جيداً([50]).

49-   وتفاقم الوضع الإنساني في غزة منذ حزيران/يونيه 2013. وفي الشهور الأخيرة، دمرت السلطات المصرية معظم الأنفاق، التي كانت تمثل رغم مشاكلها طوق نجاة للسكان، مما كان له تأثير خطير بصفة خاصة على توافر الوقود بأسعار معقولة في غزة. وأفضى هذا الوضع إلى نقص حاد في الطاقة ترتب عليه إغلاق مرافق معالجة مياه الصرف الصحي، وتعطيل الخدمات الصحية المتخصصة، مثل عمليات غسل الكلى والعمليات الجراحية وبنوك الدم ووحدات العناية المركزة والحاضنات، وهو ما عرّض حياة المرضى الضعفاء في غزة للخطر([51]). وعلى وجه العموم، حال الإغلاق المتواتر لمعبر رفح في الشهور الأخيرة دون الحصول على رعاية صحية بتكلفة معقولة في مصر، وهي الرعاية التي تظل أساسية بالنظر إلى القيود التي يعانيها نظام الصحة في غزّة.

50-   وتمثلت أفظع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل في فرض إجراءات تعسفية لدخول المناطق البحرية والبرية المحظورة باستعمال القوة المفرطة، وهو ما أثّر على نحو بالغ في حياة الصيادين والمزارعين الفلسطينيين وفي حياة أسرهم بسبب اعتمادهم على هذا المورد. ووثّق الأمين العام توثيقاً جيداً (A/68/502) أكثر ما ينتشر من انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة أيضاً بالحصار وتشمل انتهاكات من بينها ما تفرضه إسرائيل من قيود صارمة على دخول غزة والخروج منها وما يترتب على هذه القيود من آثار سلبية على حقوق فلسطينيي غزة في التعليم والصحة والعمل. وإلى جانب ذلك، تتسبب القيود الصارمة المفروضة على الصادرات (وعملية تقييد الواردات) في تقويض قدرات اقتصاد غزة وتفاقم أوضاع الفقر فيها([52]). والقرار الإسرائيلي الأخير القاضي بمنع مرور الصادرات من غزة إلى الضفة الغربية، رغم حصول إسرائيل على شاشة لفحص الحاويات كهبة من هولندا، يشهد على الحرمان من الحق في التنمية في غزة، وينسف ما تدّعيه إسرائيل من أن إجراءاتها تستجيب لشواغل أمنية بحتة([53]).

  خامساً-   مسألة الفصل العنصري والعزل

51-   في عام 2011، كرّر المقرر الخاص الدعوة التي وجّهها سلفه في عام 2007 من أجل إحالة الحالة إلى محكمة العدل الدولية لكي تصدر فتوى حول ما إذا كانت "عناصر الاحتلال (الإسرائيلي) تمثل شكلاً من أشكال الاستعمار والفصل العنصري"([54]). وعلى نحو أدق، أوصى بأن يطلب من المحكمة تقييم الادعاءات التي تفيد بأن الاحتلال الطويل الأمد للضفة الغربية والقدس الشرقية ينطوي على عناصر "الاستعمار" و"الفصل العنصري" و"التطهير العرقي"، وهو ما يتعارض مع القانون الدولي الإنساني في ظل ظروف الاحتلال العسكري والانتقاص غير المشروع من حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير([55]). وبما أنه لم تلتمس أي فتوى في أعقاب التقارير آنفة الذكر التي أعدّها المقررون الخاصون تباعاً، فإن المقرر الخاص يتحمل في هذا التقرير جزءاً من مهمة تحليل ما إذا كانت ادعاءات الفصل العنصري في فلسطين المحتلة تستند إلى أسس متينة. ويناقش المقرر الخاص السياسات والممارسات الإسرائيلية من منظور الحظر الدولي للتمييز الإثني والعزل والفصل العنصري.

                 الإطار القانوني

52-   يحظر القانون الدولي الفصل العنصري، وإن إسرائيل، بصفتها دولة وسلطة احتلال، ملزمة بهذا الحظر. وبموجب البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف، الذي يعبر عن القانون الدولي ويعتبر من ثم على نطاق واسع بروتوكولاً ملزماً على الصعيد العالمي، تُصنّف "ممارسة التفرقة العنصرية وغيرها من الأساليب المبنية على التمييز العنصري والمنافية للإنسانية والمهينة، والتي من شأنها النيل من الكرامة الشخصية" كخروقات جسيمة([56]). وعلاوة على ذلك، لاحظت لجنة القانون الدولي أن الحكومات اتفقت عموماً في مؤتمر الأمم المتحدة لقانون المعاهدات (1968) على أن تشمل أشكال الحظر التي تشكّل قواعد قطعية مسألة الفصل العنصري([57]). وإلى جانب ذلك، تنص المادة 3 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على أن "تشجب الدول الأطراف بصفة خاصة العزل العنصري والفصل العنصري، وتتعهد بمنع وحظر واستئصال كل الممارسات المماثلة في الأقاليم الخاضعة لولايتها"([58]). وفي الجولة الثانية من الاستعراض الدوري الشامل لإسرائيل المعقودة في تشرين الأول/أكتوبر 2013، أوصت جنوب أفريقيا إسرائيل بأن "تحظر سياسات وممارسات العزل العنصري التي تؤثر بشكل مفرط في الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة" (A/HRC/25/15، الفقرة 136-202).

53-   ويشمل الفصل العنصري هيمنة فئة عرقية على أخرى، وقد يحتج البعض بالقول إن اليهود الإسرائيليين لا يمثلون شأنهم في ذلك شأن الفلسطينيين فئتين عرقيتين في حد ذاتهما. غير أن المادة 1 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري توضّح في تعريفها للتمييز العنصري أن التمييز العنصري لا يستند إلى عنصر العرق فحسب وإنما قد يستند أيضاً إلى "أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني". وشدّدت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري على أن الاتفاقية تتعلق، وفقاً للتعريف الوارد في المادة 1، "بجميع الأشخاص الذين ينتمون إلى أعراق مختلفة أو مجموعات وطنية أو إثنية مختلفة أو إلى سكان أصليين"([59]).

54-   ويرد في المادة 2 من الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها تعريف مفصّل لجريمة الفصل العنصري ينص على أنها "تشمل سياسات وممارسات العزل والتمييز العنصريين المشابهة لتلك التي تمارس في الجنوب الأفريقي"، وتنطبق على "الأفعال اللاإنسانية المرتكبة لغرض إقامة وإدامة هيمنة فئة عنصرية ما من البشر على أية فئة عنصرية أخرى من البشر واضطهادها بصورة منهجية". ويشير نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى هذه العناصر الأساسية (المادة 7، الفقرة 2(ح)) وينص أيضاً على أن هذه الأفعال لا تعتبر "جرائم ضد الإنسانية" إلا إذا ارتكبت "في إطار هجوم واسع النطاق موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم" (المادة 7، الفقرة 1). ودون المساس بأي اختلافات ممكنة بين عناصر الفصل العنصري كجريمة دولية وفعل غير مشروع دولياً، سيعالج الفصل العنصري كمفهوم واحد لغرض هذا التقرير، بالتركيز على الأفعال اللاإنسانية الواردة في الفقرات من (أ) إلى (و) من المادة 2 من الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها([60]).

                 أفعال يمكن أن تشكل عزلاً وفصلاً عنصرياً

55-   تتعلق المادة 2(أ) بحرمان شخص من الحق في الحياة والحرية الشخصية، بطرق منها ‘1‘ القتل و‘2‘ إلحاق أذى بدني أو عقلي خطير أو التعدي على الحرية أو التعذيب، و’3‘ التوقيف التعسفي والسجن بصورة غير قانونية. وفيما يتعلق بالمادة 2(أ)‘1‘، تتناول قرارات الأمم المتحدة وتقاريرها المتتالية على نحو واسع استمرار قوات الأمن الإسرائيلية في الاستعمال المفرط للقوة وغياب المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان([61]). ويُقتل الفلسطينيون بسبب الغزو العسكري الإسرائيلي المنتظم لفلسطين المحتلة؛ واستعمال القوة المميتة ضد المتظاهرين؛ والتأييد الرسمي لأعمال القتل المستهدف؛ وتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق([62]).

56-   وحسب مركز بتسليم لحقوق الإنسان، فإن عدد الفلسطينيين الذين قتلوا على يد قوات الأمن الإسرائيلية في الفترة ما بين عامي 1987 و2000 يناهز 400 1 شخص([63]). وبعد عام 2000، تسارعت وتيرة قتل قوات الأمن الإسرائيلية للفلسطينيين إذ بلغ عدد القتلى حتى شهر تشرين الأول/أكتوبر 2013 ما يفوق 700 6 قتيل([64]). وشمل هذا العدد أزيد من 100 3 مدني لم يشاركوا في عمليات قتال. وتفيد إحصاءات مركز بتسليم بأن إسرائيل قتلت 344 طفلاً في عمليتها العسكرية "الرصاص المصبوب" في غزة، 318 منهم لم يشاركوا في عمليات القتال. وخلال هذه العملية، قُتلت 110 نساء فلسطينيات اثنتان منهن كانتا ضابطتي شرطة بينما لم يشارك بقيتهن في أعمال القتال. وخلال عملية "ركيزة الدفاع"، قيل إن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت حوالي 100 مدني فلسطيني، ثلثهم من الأطفال (A/HRC/22/35/Add.1، الفقرة 6).

57-   وأفضت سياسة القتل المستهدف التي تتبعها قوات الأمن الإسرائيلية إلى سقوط المزيد من القتلى، إذ قُتل 369 فلسطينياً خلال الفترة الممتدة من أيلول/سبتمبر 2000 إلى كانون الأول/ديسمبر 2013. بلغ متوسط من تم قتلهم في أي عملية معينة شخصاً أو شخصين لكل قتيل عمدت قوات الأمن الإسرائيلية إلى استهدافه. وهكذا، قُتل أيضاً خلال هذه الفترة نفسها 453 فلسطينياً لم يكونوا مستهدفين([65]).

58-   ونشرت المنظمة غير الحكومية "كسر جدار الصمت" روايات فردية لجنود سابقين في قوات الدفاع الإسرائيلية تشهد على السياسة التي تتبعها إسرائيل تجاه الشعب المحتل: "‘منع الإرهاب‘ هو ختم الموافقة على أي هجوم تشنّه قوات الدفاع الإسرائيلية في الأراضي، ما يحول دون التمييز بين استعمال القوة ضد الإرهابيين واستعمالها ضد المدنيين. وهكذا، تستطيع قوات الدفاع الإسرائيلية تبرير إجراءاتها الرامية إلى ترهيب الشعب الفلسطيني برمته وقمعه"([66]).

59-   وكلمة "قتل" كما أشير إليها في الاتفاقية الدولية بشأن قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها تعني بمفهومها البسيط قتل النفس بطريقة غير قانونية. وهكذا فإن قتل النفس - خارج حدود الظروف القليلة التي لا يحظر بموجبها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان القتلَ حظراً مطلقاً - قد يشكل أحد عناصر الفصل العنصري في سياق نظام منهجي ومؤسّسي تمثل فيه عمليات القتل غير المشروعة هذه جزءاً من أفعال يراد من ارتكابها مواصلة الهيمنة على الفلسطينيين. وتلاحظ في هذا الصدد النسبة العالية نسبياً للإصابات التي تلحقها قوات الأمن الإسرائيلية بالمدنيين في فلسطين المحتلة.

60-   وفيما يتعلق بالمادة 2(أ)‘2‘ و‘3‘، يرتبط اعتقال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ارتباطاً وثيقاً بالتعذيب وسوء المعاملة. وقدّمت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في أيلول/سبتمبر 2013، معلومات تفيد بأنه يوجد حوالي 000 5 سجين سياسي فلسطيني، من بينهم 137 محتجزاً إدارياً([67]). وينقل العديد من المعتقلين إلى السجون في إسرائيل، وهو ما يشكل انتهاكاً لاتفاقية جنيف الرابعة (المادة 76)([68]).

61-   وفي عام 2012، حثت لجنة القضاء على التمييز العنصري إسرائيل على إنهاء الاحتجاز الإداري الذي يعد إجراء تمييزياً ويعتبره القانون الدولي لحقوق الإنسان احتجازاً تعسفياً (CERD/C/ISR/CO/14-16، الفقرة 27). وقُدّمت توصيات مماثلة من عدة دول خلال آخر جولة للاستعراض الدوري الشامل لإسرائيل (A/HRC/25/15). كما أوصت اللجنة بأن تضمن إسرائيل وصول جميع الأشخاص الذين يعيشون في الأراضي الخاضعة لسيطرتها الفعلية إلى العدالة على قدم المساواة مع الجميع، مشيرة إلى أن المستوطنين اليهود في فلسطين المحتلة يخضعون لنظام القانون المدني، في حين يخضع الفلسطينيون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، لنظام القانون العسكري.

62-   وعلى الرغم من أن التعذيب محظور حظراً مطلقاً([69])، لا يزال الفلسطينيون الذين تعتقلهم إسرائيل يخضعون للتعذيب وسوء المعاملة (A/68/379)([70]). وتفيد التقارير بأن أساليب التعذيب وسوء المعاملة تشمل: الحرمان من النوم؛ والاستعمال المفرط للأغلال؛ والضرب؛ والسب؛ والأوضاع المجهدة؛ والحبس الانفرادي؛ والإهانة؛ وتهديد المعتقل أو أفراد أسرته بالقتل والاعتداء الجنسي وهدم المنازل([71]).

63-   وفي عام 1999، أعلنت المحكمة العليا لإسرائيل أن بعض أساليب الضغط الجسدي المستعملة ضد المعتقل بغرض "كسر شوكته" هي أساليب غير مشروعة وقالت إن أساليب الاستجواب يجب أن تكون نزيهة ومعقولة وأن تحترم الكرامة الإنسانية([72]). ويمثل هذا القرار اعترافاً مهماً بالطابع غير القانوني لبعض أساليب تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، إلا أنه لم يحظر التعذيب إذ أجاز سيناريو "القنبلة الموقوتة" أو دفاع "الضرورة". وحسب مؤسسة الضمير، يلجأ المحققون إلى مبدأ "الضرورة" كواقٍ لعدم التعرض لكثير من المساءلة أو لأي مساءلة على الإطلاق([73]). وأفادت اللجنة العامة لمكافحة التعذيب في إسرائيل بأن 701 شكوى رسمية قُدّمت في الفترة ما بين عامي 2001 و2010، ولم تفض أي منها إلى فتح تحقيق جنائي([74]).

64-   والأطفال الفلسطينيون لا يشكلون استثناء. ففي عام 2013، خلصت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أنه يبدو أن سوء المعاملة منتشر على نطاق واسع ومنهجي ويكتسي الطابع المؤسسي في حالة الأطفال الفلسطينيين الموجودين قيد الاحتجاز العسكري الإسرائيلي([75]). ويبدو أن السلطات الإسرائيلية اتخذت بعض الخطوات المحدودة في سبيل الاستجابة إلى توصيات اليونيسيف([76])، بما في ذلك تجريب إجراء استدعاء الأطفال في اثنتين من مناطق الضفة الغربية بدلاً من اللجوء إلى الاعتقالات الليلية المخيفة([77]). ومن الواضح أن هذا الإجراء يمثل تطوراً مطلوباً، إلا أنه يبيّن أيضاً إلى أي حد يتفشّى حرمان الأطفال من حقوقهم ومن الحماية في ظل النظام القانوني العسكري الإسرائيلي. وعلى سبيل المقارنة، يخضع أطفال المستوطنين الإسرائيليين الجانحون للقانون الإسرائيلي العادي. وحسب الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال كان يوجد 159 طفلاً فلسطينياً قيد الاحتجاز العسكري الإسرائيلي حتى تشرين الأول/أكتوبر 2013([78]). ويبلغ المتوسط السنوي لعدد الأطفال المحتجزين والملاحقين قضائياً 700 طفل، وغالباً ما يكون ذلك بتهمة رمي الحجارة([79]).

65-   ويتجلى حرمان أعداد غفيرة من الفلسطينيين بانتظام من الحق في الحياة والحرية في سياسات إسرائيل وقوانينها وممارساتها في فلسطين المحتلة.

66-   وتشير المادة 2(ب) إلى فرض ظروف عيش على فئة معينة بصورة محسوبة لتدميرها فعلياً إما كلياً أو جزئياً. ويبدو من غير المرجح أن ينظر إلى السياسات والقوانين والممارسات الإسرائيلية على أنها تهدف إلى تدمير الشعب المحتل تدميراً فعلياً([80]).

67-   وتتعلق المادة 2(ج) بالتدابير التي توضع بصورة محسوبة لمنع فئة عرقية من المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لبلدها ومن تحقيق ذاتها تحقيقاً كاملاً، بطرق منها على الخصوص حرمانها من الحق في العمل، والتعليم، والجنسية، ومغادرة البلد والعودة إليه، وفي حرية التنقل والإقامة، وحرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات.

68-   ولقد تناولت الفصول السابقة بالفعل انتهاكات الكثير من هذه الحقوق. وعلى سبيل المثال، بُيِّنت انتهاكات إسرائيل للحق في العمل، والتعليم، وحرية التنقل والإقامة، وحرية التعبير والتجمع، في إطار مناقشة الجدار والنظام المرتبط به، والسياسات والقوانين المتصلة بإنشاء المستوطنات، بما في ذلك في القدس الشرقية. وحقوق الشخص في العمل وحرية التنقل ومغادرة بلده والعودة إليه وثيقة الصلة على نحو خاص بغزة. وفي الضفة الغربية، يحرم الفلسطينيون من حقوقهم بسبب اعتماد نظامين قانونيين متوازيين في الإقليم نفسه: أحدهما عبارة عن مجموعة قوانين مدنية وجنائية خاصة بالمستوطنين الإسرائيليين، والآخر عبارة عن أوامر عسكرية إسرائيلية وقوانين أخرى خاصة بالفلسطينيين. وفي حين تمارس المحكمة العليا الإسرائيلية رسمياً الرقابة القضائية على الإدارة الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، تفيد معلومات مقدمة من منظمات غير حكومية بأن السوابق القضائية تجسد نزعة تكون فيها القرارات السياسية الحكومية الرئيسية، مثل تلك المتعلقة بالجدار والمستوطنات، محصَّنة ضد التدخل القضائي، وبأن قرارات المحكمة العليا لم تدعم بصورة كافية حقوق الإنسان والحماية المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني([81]). وتطرق تقرير البعثة المستقلة لتقصي الحقائق بشأن المستوطنات لعام 2013 إلى عملية إنشاء مناطق قانونية إسرائيلية للمستوطنين وما ترتب على ذلك من عزل (A/HRC/22/63). وقالت لجنة القضاء على التمييز العنصري في عام 2012 إنها "تشعر بقلق بالغ" إزاء السياسات والممارسات التي تشكّل عزلاً بحكم الأمر الواقع وإنه قد هالها "بشكل خاص الفصل المحكم بين مجموعتين" (CERD/C/ISR/CO/14-16، الفقرة 24).

69-   ومن الواضح أن ما تتخذه إسرائيل من تدابير في شكل سياسات وقوانين وممارسات يحول دون مشاركة الفلسطينيين مشاركة تامة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لفلسطين، ويمكن القول إنه يحول أيضاً دون تحقيق نمائهم الكامل في الضفة الغربية وقطاع غزة.

70-   وتشير المادة 2(د) إلى التدابير الرامية إلى تقسيم السكان وفقاً لنوع العرق، بطرق منها إنشاء محميات منفصلة ومعازل عرقية لأفراد فئة أو فئات عرقية، ومصادرة أراضيها. ومصادرة الأراضي الفلسطينية يندرج بشكل جلي ضمن توسيع المستوطنات وإنشاء الجدار. وتُوثَّق بشكل جيد (A/HRC/22/63) مسائل تفتيت الأرض الفلسطينية وإنشاء محميات منفصلة ومناطق معزولة، بما في ذلك الخطط التي تهدّد بفصل القدس الشرقية عن سائر مناطق الضفة الغربية. وجاء في الاستنتاجات النهائية لمحكمة راسيل بشأن دولة فلسطين أن: "إسرائيل قامت من خلال قوانينها وممارساتها بتقسيم السكان الفلسطينيين والسكان الإسرائيليين اليهود ومنحتهم حيزين ماديين مختلفين يضمان بنى أساسية وخدمات وموارد متفاوتة المستويات والنوعية. وتمثّلت النتيجة النهائية في تفتيت مجموع الأراضي وظهور سلسلة محميات منفصلة ومناطق معزولة، ما تسبب في عزل الفئتين على نطاق واسع. واستمعت المحكمة إلى أدلة تفيد بأن هذه السياسة توصف رسمياً في إسرائيل باسم "حَفرَدة" أي "الفصل"([82]). ولقد لفت المقرر الخاص الانتباه في السابق إلى نظام الطرقات المزدوج في الضفة الغربية، كمثال واضح عن العزل، حيث يُبعد جزء كبير من الفلسطينيين إلى الطرق البديلة ويجبرون على استخدام طرق التفافية طويلة (A/HRC/16/72، الفقرات 20-22).

71-   ويبدو أمراً لا جدال فيه أن التدابير الإسرائيلية تقسم بالفعل سكان الأرض الفلسطينية المحتلة وفقاً لنوع العرق وتنشئ محميات منفصلة للفلسطينيين وتصادر أراضيهم.

72-   وتشير المادة 2() إلى مسألة استغلال العمّال. وثمة تقارير قديمة([83])، وكذلك حملات وتقارير حالية([84])، تتناول الظروف السيئة التي يعمل فيها الفلسطينيون في إسرائيل أو في المستوطنات. بيد أنه يلاحظ تراجع شديد في استخدام إسرائيل للعمال الفلسطينيين منذ التسعينيات، لا سيما وأنه بات من المتعذر على الغزّاويين العمل في إسرائيل ولأن بناء الجدار في الضفة الغربية أفضى إلى زيادة تقليص عدد الفلسطينيين العاملين في إسرائيل أو لأرباب عمل إسرائيليين([85]).

73-   وتتعلق المادة 2(و) بملاحقة معارضي سياسة الفصل العنصري. ويحتمل أن يتصل هذا الحُكم بسلسلة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة ضد الفلسطينيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بوصفهم شعباً يتوق إلى تقرير المصير ويعترض على نظام الفصل والتقييد والتمييز الذي تفرضه عليه إسرائيل. وفي هذا الصدد، يمكن القول إنه يندرج في هذا الحُكم العقوبات التي غالباً ما يتعرض لها المتظاهرون ضد الجدار والنظام المرتبط به، أو المعترضون بصورة أعم على ما ترتكبه إسرائيل من انتهاكات لحقوق الإنسان.

74-   ويتعلق أحد الأمثلة الفردية بأحد المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان، عيسى عمرو، مؤسس المنظمة غير الحكومية "حركة الشباب المناهضين للاستيطان والمدافعين عن الخليل". ففي عام 2012، اعتُقل السيد عمرو واحتُجز 20 مرة دون أن توجه إليه تهمة([86]). وأثناء كتابة هذا التقرير، كان قد اعتقل مراراً في عام 2013 ونُقل إلى المستشفى بعدما تعرض، حسبما زُعم، للضرب على يد قوات الأمن الإسرائيلية أثناء اعتقاله. وفي آب/أغسطس 2013، أعرب عدد من المقررين الخاصين، بمن فيهم هذا المقرر الخاص، عن قلقهم البالغ إزاء مزاعم تعرضه المتواصل للمضايقات والتخويف وسوء المعاملة. ووصف المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ما يجري على أنه "حملة مضايقات وتخويف وانتقام ضد السيد عمرو وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يدافعون سلمياً عن حقوق الفلسطينيين في الضفة الغربية، بطرق منها التعاون مع هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان"([87]).

75-   وعمر سعد هو مثال لمواطن إسرائيلي ينتمي إلى الأقلية الدرزية قيل إنه سُجن بسبب استنكافه الضميري عن أداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. ووجّه رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع قال فيها: "لا أتخيل نفسي أرتدي زيّاً عسكرياً وأشارك في قمع شعبي الفلسطيني". وقال متسائلاً: "كيف لي أن أقف كجندي في نقطة تفتيش قلنديا أو غيرها من نقاط التفتيش بعدما تعرضت له من ظلم في هذه الأماكن؟ وكيف لي أن أمنع شخصاً من رام الله أن يزور مدينته القدس؟ وكيف لي أن أحرس جدار الفصل العنصري؟ وكيف لي أن أكون سجّاناً لشعبي وأنا أعلم أن غالبية السجناء هم سجناء الحرية ومطالبون بالحقوق والحرية؟"([88])

76-   وهناك اعتقاد راسخ بأن معارضي التدابير الإسرائيلية التي تعتبر بمثابة فصل عنصري مهددون بالملاحقة القضائية بسبب معارضتهم هذه.

                 القمع المنهجي

77-   وانتهاكات حقوق الإنسان المناقشة في سياق الأفعال التي قد تشكّل "أفعالاً لا إنسانية" لأغراض الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها أو نظام روما الأساسي، لا يمكن اعتبار أي منها حوادث معزولة. بل إن ارتكابها يعكس السياسات والقوانين والممارسات الإسرائيلية المنهجية والتمييزية التي تحدد الأماكن التي يجوز، أو لا يجوز، للفلسطينيين السفر والعيش والعمل فيها داخل الأراضي المحتلة. كما أن القوانين والسياسات "مأسست" مدى الانتقاص من قيمة حياة المدني الفلسطيني عندما توضع على الميزان مع المطالب المتعلقة بشواغل أمنية رئيسية، وهو ما يتنافى مع الحماية القانونية التي يمنحها النظام الدستوري الإسرائيلي للمستوطنين الإسرائيليين غير الشرعيين. ويفضي مجموع التدابير الرامية إلى ضمان أمن المواطنين الإسرائيليين وتيسير إنشاء المستوطنات وتوسيعها والقيام على ما يبدو بضم الأراضي إلى ممارسة الفصل والتمييز والقمع المنهجي والهيمنة على الشعب الفلسطيني.

  سادساً-   ملاحظات ختامية

78-  على امتداد الاحتلال الطويل الأمد، يظهر حرمان إسرائيل للشعب الفلسطيني من حقه في تقرير المصير جلياً في ممارساتها وسياساتها التي تبدو أنها تشكّل عزلاً وفصلاً عنصرياً، وفي تواصل توسيع المستوطنات، وتواصل بناء الجدار الذي يمكن القول إنه يمثل بحكم الأمر الواقع ضمّاً لأجزاء من الأرض الفلسطينية المحتلة. وتتيح مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً إرشادات فيما يتعلق بعواقب الإخلالات الجسمية بقواعد القانون الدولي القطعية. وفي هذا الصدد، ينبغي([89]) الإشارة إلى أن أشكال الحظر التالية بلغت مركز القواعد القطعية: الاعتداء عن طريق الاحتلال العسكري وفرض حصار عسكري على الموانئ والسواحل([90])، والتمييز والفصل العنصريين، والتعذيب. وعلاوة على ذلك، أُقرّ الحق في تقرير المصير كقاعدة قطعية تسري على الجميع([91]).

79-   ولكي يعتبر الإخلال بالقواعد القطعية "جسيماً" بموجب الفقرة 2 من المادة 40 من مشاريع المواد، يجب أن "ينطوي على تقصير جسيم أو منهجي عن الوفاء بالالتزام من جانب الدولة المسؤولة". ودون المساس بحكم ذي حجية في ما إذا كان الإخلال بالقواعد القطعية المناقشة يعتبر إخلالاً "خطيراً"، يلاحظ أن الانتهاكات المناقشة في سياق الاحتلال الطويل الأمد تبدو مقصودة ومنظمة ومؤسسية ومستمرة منذ زمن طويل. وفي التعليق، ترجّح لجنة القانون الدولي أن تعالج المنظمات الدولية المختصة، بما فيها مجلس الأمن والجمعية العامة، مثل هذه الإخلالات الخطيرة. وتتحمل الدول الأعضاء تبعات إخلالات خطيرة من هذا النوع، وتشمل هذه التبعات التزاماً بالتعاون على إنهاء الإخلالات والتزاماً بعدم الإقرار بالوضع غير القانوني والحفاظ عليه([92]).

80-   وأخيراً، إن إمكانية أن تقبل فلسطين اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من منظور القانون الجنائي الدولي في ظل اعتراف الجمعية العامة بدولة فلسطين باتت واضحة. وقدّم وزير العدل الفلسطيني في عام 2009 إعلاناً بشأن قبول اختصاصها على "الأفعال المرتكبة في الأرض الفلسطينية منذ 1 تموز/يوليه 2002"([93])، غير أن قرار المحكمة الصادر في 3 نيسان/أبريل 2012 بشأن مسألة الاختصاص([94]) أفضى على ما يبدو إلى إنهاء الدارسة الأولية([95]). وقبول الاختصاص من شأنه أن يفضي إلى اعتماد إجراء لمساءلة الأفراد الرئيسيين والتصدي للانتهاكات المرتبطة بجريمة الفصل العنصري وغيرها من المسائل الواردة في أكثر من 400 بلاغ تلقاه مكتب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2009 بشأن الجرائم المزعوم ارتكابها في فلسطين([96]).

    سابعاً-   توصيات

81-   يغتنم المقرر الخاص فرصة إعداد تقريره النهائي هذا لتأكيد بعض توصياته السابقة وتقديم عدة توصيات جديدة، وهي:

         (أ)      أن تُحترم الحقوق القانونية للفلسطينيين، بما فيها الحق في تقرير المصير، وتُنفّذ بصورة كاملة من أجل بلوغ حل سلمي وعادل للنزاع القائم بين الشعبين؛

         (ب)    أن تطلب الجمعية العامة إلى محكمة العدل الدولية إصدار فتوى بشأن الوضع القانوني للاحتلال الطويل الأمد لفلسطين، الذي يفاقمه النقل المحظور لأعداد كبيرة من الأشخاص من سلطة الاحتلال وفرض نظام إداري وقانوني مزدوج وتمييزي في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وأن تمضي في تقييم الادعاءات القائلة بأن الاحتلال الطويل الأمد ينطوي على خاصيات غير مقبولة قانوناً تتمثل في "الاستعمار" و"الفصل العنصري" و"التطهير العرقي"؛

         (ج)    أن يعيّن مجلس حقوق الإنسان فريق خبراء يتولى اقتراح بروتوكول خاص ملحق باتفاقية جنيف الرابعة لغرض محدد هو اقتراح نظام قانوني لأي احتلال يتجاوز خمس سنوات؛

         (د)     أن يحقق المجتمع الدولي تحقيقاً شاملاً في الأنشطة التجارية التي تباشرها الشركات والمؤسسات المالية المسجلة في بلدانها والمستفيدة من المستوطنات الإسرائيلية وغيرها من الأنشطة الإسرائيلية غير المشروعة، وأن يتخذ الإجراءات المناسبة لإنهاء هذه الممارسات وضمان تقديم التعويضات المناسبة إلى الفلسطينيين المتضررين. وينبغي أن تنظر الدول الأعضاء في حظر استيراد منتجات المستوطنات؛

         ()     أن تنظر التحقيقات المقبلة فيما إذا كان لا ينبغي أيضاً اعتبار الصلات الأخرى للشركات الأجنبية بسياسات الاحتلال غير القانوني علاوة على المستوطنات (كالجدار العازل مثلاً، وحصار غزة، وهدم المنازل، والاستعمال المفرط للقوة) صلات تنطوي على "إشكالية" بموجب القانون الدولي، ومعاملتها معاملة شبيهة بما جاء في التوصيات المتعلقة بالمستوطنات؛

         (و)     أن تكف حكومة إسرائيل عن توسيع المستوطنات وإنشائها في فلسطين المحتلة، وأن تبدأ بتفكيك المستوطنات القائمة وإعادة مواطنيها إلى الجانب الإسرائيلي من الخط الأخضر، وأن تقدم تعويضات مناسبة عن الضرر الناجم عن الاستيطان وما يتصل به من أنشطة منذ عام 1967، وأن تقوم بما يجب لحماية الفلسطينيين الذين يعيشون في ظل الاحتلال الإسرائيلي من عنف المستوطنين؛

         (ز)     أن ترفع حكومة إسرائيل فوراً الحصار غير المشروع عن غزة، وتضع حدّاً لعمليات الغزو العسكري وتسمح للغزّاويين بالاستفادة كلياً من مواردهم الطبيعية الواقعة داخل حدود غزة وسواحلها، وتراعي تفاقم حالة الطوارئ في غزة؛

         (ح)    أن يولي مجلس حقوق الإنسان مزيداً من الاهتمام إلى رفض إسرائيل التعاون مع سير العمل الطبيعي للأمم المتحدة عن طريق المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967([97])، وإلى حماية المقررين الخاصين من حملات التشهير الرامية إلى تحويل الأنظار عن المسائل الجوهرية التي تتضمنها ولاياتهم.

                            



                         (1)        قرار الجمعية العامة دإط-10/14.

                         (2)        انظر www.securityfence.mod.gov.il/Pages/ENG/route.htm.

             (3)    أعادت بعض قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية ربط الجماعات بالضفة الغربية. مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، المستجدات المتعلقة بالجدار (تموز/يوليه 2011)، الصفحة 5.

                         (4)        انظر www.ochaopt.org/documents/ochaopt_atlas_barrier_affecting_palestinians_december2011.pdf.

                         (5)        "منطقة عسكرية مغلقة" عُينت بين الجدار والخط الأخضر.

                         (6)        انظر HaMoked: Center for the Defence of the Individual, “The permit regime: human rights violations in West Bank areas known as the ‘seam zone’ ” (2013). www.hamoked.org/files/2013/1157660_eng.pdf.

                         (7)        انظر www.securityfence.mod.gov.il/Pages/ENG/route.htm.

             (8)    مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، المستجدات المتعلقة بالجدار، الصفحة 8؛ وHaMoked, “The permit regime", pp 14-15. وانظر أيضاً Virginia Tilley (ed.), Beyond Occupation (2012), pp. 151‑155 .

                         (9)        مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، المستجدات المتعلقة بالجدار، الصفحة 14.

                     (10)        وثائق جمعتها مفوضية حقوق الإنسان.

                     (11)        انظر www.unrwa.org/galleries/photos/nabi-samuel-“we-are-living-inside-prison.

           (12)    انظر www.alhaq.org/advocacy/topics/wall-and-jerusalem/594-visiting-a-ghost-town-drawing-attention-to-the-plight-of-al-numan-village.

           (13)    متاحة على العنوان www.alhaq.org/10yrs/images/stories/PDF_Files/2%20Al-Numan%20Village%20-%20a%20case%20study%20of%20indirect%20forcible%20transfer%20-.%20November%202006.pdf.

                     (14)        OCHA-oPt, “The humanitarian impact of the barrier” (July 2012), p. 1 (www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_barrier_factsheet_july_2012_english.pdf).

           (15)    يعتقد المقرر الخاص أن تحويلات مسار أجزاء من الجدار ورحيل الفلسطينيين بسبب الجدار والنظام المقترن به عاملان ساهما كلاهما في انخفاض الأعداد.

                     (16)        مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، المستجدات المتعلقة بالجدار، الصفحة 11.

           (17)    انظر الحملة الشعبية الفلسطينية لمناهضة جدار الفصل العنصري، See Palestinian Grassroots Anti-apartheid Wall Campaign, www.stopthewall.org/2013/04/07/further-suppression-demonstrations-occupation، وبتسليم، www.btselem.org/demonstrations، ومحكمة راسل المعنية بفلسطين،Findings of the South Africa Session (2011).

                     (18)        انظر www.bilin-ffj.org/index.php?option=com_content&task= blogcategory&id=15&Itemid=34.

                     (19)        Rules and Regulations Governing the Registration of Claims, art. 11, para. 1. Available from www.unrod.org/docs/UNRoD%20Rules%20and%20Regulations.pdf.

           (20)    البؤر ﺍﻻﺳﻴﺘﻄﺎﻧﻴﺔ ﺍﳌﺘﻘﺪﻣﺔ ﻫﻲ ﻣﺴﺘﻮﻃﻨﺎﺕ ﻏﲑ ﻣﻌﺘﺮﻑ بها رسمياً ﲟﻮﺟﺐ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ الإسرائيلي رغم أنها كثيراً ﻣﺎ تُنشأ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﺍﳊﻜﻮﻣﻲ.

                     (21)        A/63/326, A/HRC/13/53/Rev.1, A/65/331, A/HRC/16/72, A/66/358, A/HRC/20/32.

                     (22)        انظر www.jpost.com/Opinion/Editorials/Settlements-arent-the-problem-330306.

                     (23)        A/HRC/25/38, A/HRC/25/40, A/68/502 and A/68/513.

                     (24)        انظر http://peacenow.org/Bibis%20Settlements%20Boom%20-%20March-November%202013%20-%20FINAL.pdf.

                     (25)        انظر http://peacenow.org.il/eng/sites/default/files/summary-of-4-years-of-netanyahu-government.pdf.

                     (26)        انظرwww.haaretz.com/news/diplomacy-defense/1.556645; www.un.org/News/Press/docs/2013/ sgsm15427.doc.htm.

           (27)    أحصت منظمة السلام الآن 136 مستوطنة في الضفة الغربية، 25 منها ضمن فئة "نوعية المعيشة"، و35 ضمن فئة "نوعية المعيشة/دوافع إيديولوجية"، و70 ضمن فئة "دوافع إيديولوجية" و6 مستوطنات ضمن فئة "الأصولية المتشددة" (انظر http://peacenow.org.il/ eng/content/settlements-and-outposts).

                     (28)        ورقة المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المقدمة إلى المقرر الخاص، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.

                     (29)        انظر www.ochaopt.org/documents/ocha_opt_the_humanitarian_monitor_2013_11_25_english.pdf.

           (30)    انظر www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=13662&LangID=E and www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=13786&LangID=E.

                     (31)        www.ochaopt.org/documents/unhc_obstriction_humanitarian_assistance_english.pdf.

                     (32)        انظر http://unispal.un.org/UNISPAL.NSF/0/D9D07DCF58E781C585257A3A005956A6.

           (33)    انظر www.mfa.gov.il/mfa/aboutisrael/state/law/pages/summary%20of%20opinion%20concerning%20 unauthorized%20outposts%20-%20talya%20sason%20adv.aspx.

           (34)    انظر www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/israel-to-legalize-four-west-bank-settlement-outposts-slated-for-demolition-1.524291.

                     (35)        انظر www.jpost.com/Diplomacy-and-Politics/Knesset-panel-to-debate-Levy-Report-333137.

                     (36)        الوثيقة A/65/331، الفقرة 14، والوثيقة A/HRC/20/32، الفقرة 32.

                     (37)        الوثيقة A/68/513، الفقرات 30-33.

                     (38)        انظر http://unctad.org/en/PublicationsLibrary/gdsapp2012d1_en.pdf.

                     (39)        انظر www.acri.org.il/en/2013/09/02/ej-edu-report-13.

                     (40)        “EU Heads of Mission Jerusalem Report 2012”.

                     (41)        ورقة قدمها إلى المقرر الخاص الائتلاف الأهلي للحقوق الفلسطينية في القدس (تشرين الثاني/نوفمبر 2013).

                     (42)        في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 (www.btselem.org/planning_and_building/east_jerusalem_statistics).

                     (43)        “EU Heads of Mission Jerusalem Report 2012”.

                     (44)        A/67/379, A/HRC/23/21, A/68/376.

                     (45)        انظر https://www.un.org/apps/news//story.asp?NewsID=45812&Cr=palestin&Cr1=.

                     (46)        انظر www.jpost.com/Diplomacy-and-Politics/Dutch-firm-severs-ties-with-Mekorot-over-West-Bank-policy-even-as-Israel-Jordan-PA-sign-major-water-deal-334597.

                     (47)        Palestinian BDS National Committee, submission to Special Rapporteur (November 2013).

                     (48)        الوثيقة A/HRC/22/63، الفقرتان 116 و117.

                     (49)        انظر www.theguardian.com/world/2013/dec/09/uk-government-warns-over-business-israeli-settlements.

                     (50)        A/HRC/12/48, A/HRC/22/35/Add.1 and A/HRC/23/21.

                     (51)        انظر www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=14028&LangID=E.

                     (52)        انظر www.cogat.idf.il/Sip_Storage/FILES/0/4320.pdf.

                     (53)        انظر www.haaretz.com/news/diplomacy-defense/.premium-1.562465.

                     (54)        A/HRC/16/72، الفقرة 8، وA/HRC/4/17، ص. 3.

                     (55)        انظر A/HRC/16/72، الفقرة 32(ب).

                     (56)        المادة 85(4)(ج)، A/HRC/16/72.

                     (57)        مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، مشفوعة بالتعليقات (2001)، المادتان 40 و41 والتعليقان.

           (58)    بصرف النظر عن احتمال أن يسري إدراج الفصل العنصري في الاتفاقية على جنوب أفريقيا حصرياً، تحظر الاتفاقية جميع أشكال العزل العنصري. انظر لجنة القضاء على التمييز العنصري، التوصية العامة رقم 19(1995).

                     (59)        التوصية العامة رقم 24(1999)، الفقرة 1.

           (60)    إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاقية ويُناقش ما إذا كان الهدف منها تطبيقها على جنوب أفريقيا حصرياً. غير أن الاتفاقية تواصل تأكيد حظر الفصل العنصري في القانون الدولي.

           (61)    على سبيل المثال A/68/502، وA/67/372، وA/66/356، وA/65/366، وA/HRC/22/35؛ وقرار الجمعية العامة 67/118؛ وقرارا مجلس حقوق الإنسان 22/28 و19/16.

                     (62)        Russell Tribunal, Findings (2011)، الفقرة 5-22.

                     (63)        انظر www.btselem.org/statistics.

                     (64)        المرجع نفسه.

                     (65)        انظر www.btselem.org/statistics.

                     (66)        Israeli Soldier Testimonies 2000‑2010, p. 26 (www.breakingthesilence.org.il/testimonies/publications).

                     (67)        انظر www.addameer.org/einside.php?id=9.

                     (68)        انظر www.addameer.org/etemplate.php?id=302.

                     (69)        مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً.

                     (70)        A/68/379.

                     (71)        انظر See www.addameer.org/etemplate.php?id=294 and www.stoptorture.org.il/en/skira1999-present.

                     (72)        انظر www.btselem.org/torture/hcj_ruling.

                     (73)        انظر www.addameer.org/etemplate.php?id=294.

           (74)    Accountability Still Denied (2012), p. 4 (www.stoptorture.org.il/files/PCATI_eng_web.pdf). وقد لا تمثل الشكاوى المقدمة رسميا عدد الضحايا الحقيقي.

                     (75)        Children in Israeli Military Detention, p. 1 (www.unicef.org/oPt/UNICEF_oPt_Children_in_Israeli_ Military_Detention_Observations_and_Recommendations_-_6_March_2013.pdf).

                     (76)        انظر www.unicef.org/oPt/UNICEF_oPt_Children_in_Military_Detention_Bulletin_No_1_ October_2013.pdf.

                     (77)        انظر أيضاً A/68/379 and CRC/C/ISR/CO/2-4.

                     (78)        انظر www.dci-palestine.org/content/child-detainees.

                     (79)        انظر www.addameer.org/etemplate.php?id=296.

           (80)    تساءلت الأمم المتحدة عما إذا كان العيش في غزة سيكون ممكناً في عام 2020 (Gaza in 2020: A Liveable Place?” 2012). وبالنظر إلى الوضع في غزة، خلصت محكمة راسيل إلى أن السياسات الإسرائيلية ترمي إلى تشريد الفلسطينيين أكثر مما ترمي إلى تدميرهم تدميراً فعلياً.

                     (81)        معلومات مستقاة من موقع دياكونيا.

                     (82)        Russell Tribunal, Findings، الفقرة 5-39.

                     (83)        انظر http://unispal.un.org/UNISPAL.NSF/1ce874ab1832a53e852570bb006dfaf6/57c45a3dd0d46b09802564740045cc0a?OpenDocument.

                     (84)        انظر www.business-humanrights.org/Links/Repository/1023856, http://www.dci-palestine.org/documents/palestinian-children-invisible-workers-israeli-settlements.

                     (85)        Russell Tribunal, Findings، الفقرة 5-40.

                     (86)        انظر www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx?NewsID=13626&LangID=E.

                     (87)        المرجع نفسه.

                     (88)        انظر www.wri-irg.org/node/20565.

                     (89)        مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، الفصل الثالث.

                     (90)        قرار الجمعية العام 3314(د-29).

                     (91)        مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، الفصل الثالث، تعليق.

                     (92)        المرجع نفسه، المادة 41.

                     (93)        انظر www.icc-cpi.int/NR/rdonlyres/74EEE201-0FED-4481-95D4-C8071087102C/279777/
20090122PalestinianDeclaration2.pdf
.

                     (94)        انظر www.icc-cpi.int/NR/rdonlyres/C6162BBF-FEB9-4FAF-AFA9-836106D2694A/284387/SituationinPalestine030412ENG.pdf.

           (95)    انظر www.icc-cpi.int/en_menus/icc/press%20and%20media/press%20releases/Documents/OTP%20 Preliminary%20Examinations/OTP%20-%20Report%20%20Preliminary%20Examination%20 Activities%202013.PDF.

                     (96)        انظر www.icc-cpi.int/en_menus/icc/structure%20of%20the%20court/office%20of%20the%20 prosecutor/comm%20and%20ref/pe-cdnp/palestine/Pages/palestine.aspx.

           (97)    في عام 2013، وجه المقرر الخاص إلى جانب 71 خبيراً مستقلاً نداء إلى الدول الأعضاء للتعاون معهم في إطار ولاياتهم (www.ohchr.org/EN/NewsEvents/Pages/DisplayNews.aspx? NewsID=14083&LangID=E).

 

2014-03-26
اطبع ارسل