التاريخ : الأربعاء 10-12-2025

الاحتلال يصعّد عدوانه في الضفة: هدم منازل ومنشآت ومتنزه وتجريف ملعب وأراضٍ زراعية    |     السفير الاسعد يستقبل النائب في البرلمان اللبناني بلال الحشيمي    |     الممثل الخاص للرئيس عباس يلتقي مديرة الأونروا في لبنان لتهنئة الوكالة بتجديد تفويضها    |     الرئيس يتلقى اتصالا هاتفيا من نظيره الكازاخي    |     الأردن يدين تصريحات سموتريتش وخطط التوسع الاستيطاني: لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية    |     أبو الغيط يشدد على ضرورة إدخال المساعدات إلى غزة بشكل مستدام ورفع القيود الإسرائيلية    |     الأونروا: اقتحام مقرنا في الشيخ جراح اعتداء خطير وغير مقبول    |     هيئة الأسرى: تفاصيل صادمة حول ظروف اعتقال الأسيرة سماح حجاوي    |     المجلس الوطني: اقتحام الاحتلال مقر "الأونروا" بالقدس انتهاك فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة    |     سفارة دولة فلسطين في لبنان تنظم حفل استقبال بمناسبة اليوم الوطني الفلسطيني    |     الحبر الأعظم في المخيمات    |     اللجنة العليا التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني تعقد اجتماعها العاشر في رام الله    |     نادي الأسير: قرار الاحتلال نقل المعتقل المسن محمد أبو طير لـ "ركيفت" هو إعدام بطيء    |     خوري: نور السلام الذي يشع من بيت لحم سيبقى حاضرا رغم الظروف    |     إيرلندا وإسبانيا وهولندا تعلق مشاركتها في يوروفيجن 2026 احتجاجا على مشاركة إسرائيل    |     روسيا تؤكد ثبات موقفها تجاه القضية الفلسطينية    |     شيخ العقل يلتقى مبعوث الرئيس الفلسطيني ياسرعباس و سفير دولة فلسطين د محمد الاسعد    |     فتوح: إسرائيل تواصل خرقها الفاضح لاتفاقية شرم الشيخ والقانون الدولي الإنساني    |     الرئاسة ترحب بالبيان الختامي للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية    |     فتوح يرحب بالبيان الختامي لقمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي    |     الرئيس يشكر نظيره الصيني على تقديم 100 مليون دولار دعماً إنسانياً لفلسطين    |     "فتح" ترحب بالموقف الصادر عن الرئيس الصيني بتأكيده على الدعم الثابت لشعبنا    |     هيئة الأسرى ونادي الأسير يعلنون عن أسماء ثلاثة شهداء من معتقلي غزة    |     بحضور السفير الفلسطيني في لبنان جمعية المواساة تحيي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم الدولي لل
» سميح القاسم: منتصب القامة والصوت يرحل
سميح القاسم: منتصب القامة والصوت يرحل
سميح القاسم: منتصب القامة والصوت يرحل
 
 
 

ودعت فلسطين بدمها ولحمها وشعبها ولغتها وأشجارها وأرضها وسمائها وبحرها ونجومها وأسراها ونساءها وأطفالها وقهرها وفرحها، بأحيائها وشهدائها وجرحاها وأبجدياتها النبوية، شاعرنا الكبير سميح القاسم الذي سقط واقفا منتصب القامة يمشي إلى الأبدية الخالدة، بعد أن عبأ الهوية الوطنية الفلسطينية بكل ذخيرته صوتا وضوءا وكلمات، وتحديا ومقاومة وبطولات، تصهل في الوعي الثقافي ولا تزال جيلا بعد جيل.

يقف العالم من أقصاه إلى أقصاه بمثقفيه وكتابه وأحراره ومعذبيه أمام سميح القاسم الآن، يفتحون كتابه ويقرأون آياته وغضبه وهدوئه وتمرده ويقينه من اجل مزيد من الحياة والحرية والكرامة، مزيد من صوت الحق ومواجهة الظلم التاريخي، مزيد من الدفاع عن حق الإنسان أن يكون إنسانا واضح الوجه والملامح والوجود.

يقف الماضي والحاضر والمستقبل أمام هذا الذي يمشي حاملا نعشه على كتفه ويغني، يعزف على ربابة فلسطين، يطلب من الناس أن تسمع جثته وصيحته في البراري، منتعلا البحر في حيفا، صاعدا على أشجار الكرمل، يرفض أن يعد العشرة صارخا في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

خذوا دمي حبرا لكم
ودبجوا قصائد المديح
في المذابح المظفرة
وسمموا السنابل
وهدموا المنازل
وأطلقوا النار على فراشة السلام
وكسروا العظام
لا بأس لو تصير مزهرية
عظامنا المكسرة
لا، لا تعدوا العشرة

رحل سميح القاسم ، متنبي فلسطين ، مقلاعها وحجرها ومتراسها في كل المراحل، شاعر المقاومة والانتفاضة، الشاعر القديس، الشاعر المقاتل والغضب الثوري، العالمي، الاممي، خبز الفقراء ، أناشيد الطلبة، الدرس الأول في المدارس والمواجهات، المارد الذي رفض الهزيمة، رفض الاحتلال، وشكل قوس قزح لثقافة المقاومة مع محمود درويش وتوفيق زياد وراشد حسين ومعين بسيسو وإميل حبيبي وحنا ابو حنا، وشكل كابوسا لسياسات الاحتلال بكلماته وصوته وظلاله.

تقدموا تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم

عندما علت أصوات القنابل، وارتكبت المذابح تلو المذابح على يد سلطات الاحتلال، وعندما انكسرت اللغات الأخرى في المحيط، ولجأت إلى قواميس الملاجئ، وقف سميح القاسم في وجه المحتلين الغزاة، رفض التجنيد والعبرنة والتهويد واحتلال الميراث والتراث والقرية والماضي والحاضر ونهب التاريخ والمنفى على يد المحتلين الأعداء.

اسقط القاسم أساطير الاحتلال وخرافاتهم ورواياتهم المتخيلة والمسلحة، كشف زيفهم وضعفهم، دخل إلى معسكرهم المدجج بالكراهية والتطرف، فشكل خطابا فلسطينيا مضادا لخطابهم اللاهوتي والديني والاستعماري.

انا الأرض وانا الإنسان
انا الماضي والحاضر والمستقبل
فاقتل في عز الظهر لكي ترث المقتول
دمنا يتبرع للأرض
بكل خطوط العرض
وكل خطوط الطول

سميح القاسم، صوت الحرية، صوت الاسرى في السجون، تغريدتهم في الجوع والصبر ومقارعة السجان، وهو الذي دخل السجن، ولاحقه المحتلون من مكان إلى مكان، واعتبروه خطرا على امن إسرائيل، لأن كل قصائده مفخخة.

وحين اسند سميح ظهره على جدار السجن و فاحت رائحة الاسمنت الطازج ،باركه النشيد المتدفق من زنازين الوطن:

أيها الجواد الأبيض حتى التلاشي
اصهل على جبالنا العالية
فها هي أيدينا تلوح في الزوابع
وفوق رقاب المحكومين
بالسجن أو الإعدام حتى النصر

رحل شاعر المقاومة ، الروح الفتية والمتوهجة سميح القاسم، لسان الفلسطينيين وأبجديتهم، منبه الوعي الإنساني والثقافي، ولا زال يتطلع إلى غزة الشهيدة المفجوعة والصامدة، حبيبته التي وعدها إما الحياة بكرامة أو الموت بكرامة:

يا صباح الخير، بنت المعجزات
ما أنت ، من؟
أمدينة أم موقع متقدم؟
في جبهة نقشت صدور جنودها الشجعان
كل الأسلحة
وعلى صدور جنودها الشجعان
ذلت كل ... كل الأسلحة
ما أنت ، من؟
أمدينة، أم مذبحة؟

 

2014-08-22
اطبع ارسل