عزام الأحمد لـ"المستقبل": المصالحة متعثرة والتصعيد الإسرائيلي لخلط الأوراق
جريدة المستقبل 17-3-2012
بقلم أنيس محسن
أكد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، رئيس كتلتها البرلمانية، وممثلها في مفاوضات المصالحة عزام الأحمد، أن الانقسام حول اتفاق المصالحة واعلان الدوحة داخل حركة "حماس" وتمويل النظام في ايران قيادات "حماس" في قطاع غزة مقابل عرقلة المصالحة اجهضت كل مساعي وقف الانقسام، واعتبر ان التصعيد الإسرائيلي الاخير في غزة يهدف الى خلط الأوراق السياسية، في ملفات المصالحة ومفاوضات السلام، وهو خدمة لحملة حزب "الليكود" الانتخابية.
كما أكد المسؤول الفلسطيني دعم الفلسطينيين لخيارات الشعوب العربية، في سياق "الربيع العربي"، وفي حين كرر ان التوجه الفلسطيني الثابت هو عدم التدخل في شؤون البلدان العربية، الا انه شدد على احترام اي خيار للشعوب العربية، معتبرا ان الديموقراطية في الدول العربية تصب في مصلحة القضية الفلسطينية.
الأحمد الذي التقته "المستقبل" خلال زيارته الحالية الى لبنان، اكد حرص الفلسطينيين على استقرار لبنان وامنه، مشددا على ان المخيمات الفلسطينية تحت سلطة سيادة القانون، وان امن المخيمات هو بيد القوى الأمنية اللبنانية متى ارادت ذلك. وفيما يلي نص المقابلة:
المصالحة متعثرة
المصالحة الفلسطينية تعثرت.. لأن "حماس" انقسمت بين مؤيد ومعارض لاتفاق الدوحة بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في الدوحة، هل هذا الاستنتاج في مكانه؟
ـ عملية المصالحة، استطيع ان اقول فعلا انها دخلت في مرحلة جمود. اتفاق المصالحة كان قد وقع في 4 ايار (مايو) من العام الماضي و"فتح" وقعت الوثيقة نفسها في 15 تشرين الاول (اكتوبر) 2009 وتأخرت "حماس" والفصائل في التوقيع سنة ونصف وتم التوقيع النهائي من قبل الجميع في 4 أيار (مايو) 2011 فتفاءلنا اننا دخلنا مرحلة جديدة وان الحوار الذي استمر اكثر من سنتين بدأت تظهر نتائجه، لكن حدث جمود بسبب الخلاف على من يتولى رئاسة الحكومة وعلى شكل هذه الحكومة ثم جرت لقاءات ثنائية مرتين بين الرئيس عباس والأخ مشعل الأول في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 وقد مهد لتفعيل ورقة المصالحة وآليات تنفيذها، وتم الاتفاق على 4 بنود سياسية في اللقاء وهي جوهرية حتى في الاتفاق مع المجتمع الدولي. النقطة الأولى هي الاتفاق على التهدئة التي وافقت عليها الفصائل مع اسرائيل ويجب ان يلتزم بها الجميع، وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم حالة الانقسام. النقطة الثانية كانت تقر عبرها "حماس" للمرة الأولى بالمشاركة في المقاومة الشعبية السلمية في الضفة الغربية والتصدي لجدار الفصل العنصري وللإستيطان وللإحتلال. النقطة الثالثة، ان المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية يمكن ان تبدأ اذا توافرت الظروف وفق ما كان قد اعلنه الرئيس عباس مرارا وتكرارا وهو التزام اسرائيل بتجميد كامل للاستيطان بما فيها القدس والتزام مرجعية السلام على اساس حدود الرابع من حزيران (يونيو)، ورابعا تم الاتفاق على تأجيل تشكيل الحكومة الى ما بعد تاريخ 26 كانون الثاني (يناير) 2012، اي التاريخ الذي حددته اللجنة الرباعية الدولية كمهلة للجانبين الفلسطيني والاسرائيلي للرد على بيان اللجنة الذي صدر في اليوم ذاته بعد خطاب الرئيس عباس في الامم المتحدة في 23 ايلول (سبتمبر) 2011.
هذه الاجواء جعلت الامور تتنشط وتم عقد اجتماع للجنة تطوير منظمة التحرير للمرة الأولى برئاسة الرئيس ابو مازن (عباس) مرتين وبحضور كل فصائل منظمة التحرير وحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ثم عندما اقترب موعد تشكيل الحكومة، حصل لقاء في الدوحة بين الرئيس عباس والاخ مشعل ونتج عنه ما عرف بإعلان الدوحة الذي تم التفاهم خلاله على ان يتولى أبو مازن شخصيا تشكيل الحكومة الأمر الذي ذلل عقدة حقيقية تمثلت بـ"من يشكل الحكومة". ولكن المفاجأة كانت بعد التوقيع بساعة واحدة، اذ بدأت تصدر بيانات معارضة لهذا الاعلان من قيادة "حماس" في قطاع غزة، ومع مرور الأيام تصاعدت هذه البيانات وازدادت حدة وظهر خلاف داخل حركة "حماس" بين قياداتها في غزة وقياداتها في الخارج حول التفاهم الذي وقعه الاخ خالد مشعل.
بعد ايام عقد اجتماع في القاهرة للجنة تطوير منظمة التحرير حضره كل الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وطلب خلاله الاخ خالد مشعل من الرئيس ابو مازن تأجيل تشكيل الحكومة، وبالطبع سبب التأجيل كان أن "حماس" غير جاهزة تبعا للخلافات التي برزت داخلها، علما ان المكتب السياسي لـ"حماس" عقد اجتماعا في القاهرة قبل يومين من هذا اللقاء، اي في 10 آذار (مارس) الجاري، وقالت قيادة "حماس" بعده "نعم لتفاهم الدوحة، ولكن". و"لكن" كانت هي الموقف الحقيقي، وطلب التأجيل أكد ذلك، وكذلك اقدام "حماس" على منع "لجنة الانتخابات المركزية" المستقلة من الشروع بعملها في قطاع غزة كما كان قد اتفق، وفق ما وقع عليه الجميع، على ان يبدأ في 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي وحتى الآن، علما ان تشكيل الحكومة مرتبط بالبدء بعمل لجنة الانتخابات، لأن المهمة الأساسية للحكومة الجديدة الإنتقالية هي الإعداد للإنتخابات. والرئيس ابو مازن لم يكن يرغب في تشكيل الحكومة لكنه استجاب بهدف حل ازمة وهو لم ولا يرغب بأن تطول مدة عمل الحكومة هذه، وقيادات من "حماس" اعلنت انها لا ترغب بأن تطول مدة عمل الحكومة الانتقالية، وخصوصا (القيادي البارز في "حماس" محمود) الزهار، فقلنا لـ"حماس" ما دمتم لا ترغبون في اطالة عمر الحكومة، فلماذا لا تبدأ لجنة الانتخابات بعملها.
هذا يؤكد لنا أن إرادة إنهاء الإنقسام لدى قيادة "حماس" في غزة غير متوافرة اطلاقا، وقد زادت الأمور تعقيدا بعد زيارة من يسمى برئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية إلى إيران، علما ان لفلسطين حكومة واحدة معترف بها هي حكومة سلام فياض ولا يحق لأي فصيل ادعاء ان له حكومة خاصة به علما ان النظام في فلسطين رئاسي وتشكيل واقالة الحكومات رهن بقرار من الرئيس.
يبدو أن إيران لعبت دورا في تحريض اسماعيل هنية الذي وصل الى طهران في اليوم التالي لتوقيع اعلان الدوحة رغم مناشدات من قيادات من "حماس" له بعدم الذهاب إلى طهران، هذا يؤكد لعب ايران دورا سلبيا ازاء المصالحة وقد تأكدنا ان دعما ماليا كبيرا قدمته ايران لاسماعيل هنية وللأسف باعتباره رئيس "حكومة غزة" وليس باعتباره قياديا في "حماس"، وكأن إيران تقول: استمروا بالانقسام، وفي المقابل سنمدكم بالمال.
استطيع ان اقول ان المصالحة اصبحت مجمدة، فـ"حماس" لم تتصل مجددا لتقول ان المهلة التي طلبتها انتهت وانها جاهزة، ولم تسمح للجنة الانتخابات بالعمل. على الرغم من ذلك، التقيت اول من أمس (الثلاثاء اذار/مارس الجاري) مع نائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" الأخ موسى أبو مرزوق في القاهرة بحضور الجانب المصري، وطرحت هذا الموضوع بكل وضوح وكنا نريد موقفا واضحا من "حماس" حول ما اذا كانوا جاهزين لبدء عمل لجنة الانتخابات وتشكيل الحكومة؟ لكن الجواب لم يكن جاهزا.. وشهد على ذلك المصريون الراعون للحوار والاتفاق والجهة المكلفة رسميا من قبل الجامعة العربية بمتابعة تنفيذ جهود المصالحة وإنهاء الإنقسام.
السيد محمود الزهار يجري محادثات في طهران، فهل تضعون الأمر في سياق الدور الإيراني لعرقلة المصالحة.. علما أن مواقف الزهار كانت منذ اللحظة الأولى واضحة لجهة رفضه إعلان الدوحة؟
ـ الزيارة الجديدة هذه الى طهران لأحد قادة "حماس" وهو الزهار، اول المتصدين لتفاهم الدوحة، تؤكد أن هناك تنسيقا بين قيادات "حماس" في غزة وإيران، لعرقلة المصالحة وربما لقضايا اخرى وأنا اعتقد ان المصالحة ليست الموضوع الوحيد.
وأود أن اذكر انه عندما اعلن اتفاق المصالحة في 4 أيار (مايو) الماضي، صدر تصريح عن وزارة الخارجية الإيرانية رحبت فيه بالاتفاق، ثم بعد ثلاثة أيام، اعلن وزير الأمن في إيران رفض اتفاق المصالحة الذي قال إنه يهدف الى محاصرة المقاومة، واضعا المصالحة والوحدة الفلسطينية في مواجهة مع المقاومة، علما ان ضعف المقاومة سببه الانقسام.
للأسف تسعى إيران إلى استغلال القضية الفلسطينية في اطار مصالحها الخاصة وفي سياق العلاقات مع الغرب عامة والولايات المتحدة بشكل خاص، اي ان القضية الفلسطينية ليست سوى ورقة مساومة مع الولايات المتحدة.
التصعيد في غزة
التصعيد في غزة، أين تضعه.. هل هو لمنع المصالحة وتعقيد عملية السلام أم هي عملية أمنية اسرائيلية قائمة بذاتها؟
ـ كل ذلك مجتمعا، التصعيد في غزة يزيد من خلط الأوراق السياسية في المنطقة، خصوصا مع انسداد عملية السلام في المنطقة وتعثر جهود اللجنة الرباعية، ومن عناصر المصالحة الفلسطينية ايضاً التهدئة والمقاومة الشعبية.
فضلا عن ذلك، ان التصعيد يأتي بعد تراجع حدة التهديدات الاسرائيلية لإيران، عقب زيارة (رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين) نتنياهو إلى الأمم المتحدة، ومعلوماتنا الأكيدة أن (الرئيس الأميركي باراك) اوباما كان صارما في رفض توجيه ضربة إلى إيران في هذه المرحلة، وانه مارس الإغراء والضغط ايضا على نتنياهو. ويبدو ان نتنياهو ايضا، وهو على أبواب انتخابات في اسرائيل، استغل اطلاق صاروخين، وهي صواريخ محدودة التأثير، ونفذ اعتداء واسعا، كان الأبرز فيه اغتيال أمين عام "لجان المقاومة الشعبية"، فضلا عن استهداف أهلنا في قطاع غزة كتعويض يقدمه للإسرائيليين عن التراجع عن ضرب إيران، ومجددا كان الدم الفلسطيني ورقة انتخابية في اسرائيل وكذلك في الولايات المتحدة، والرأي العام الإسرائيلي الساذج وعدوان مثل هذا تؤثر فعلا في نتائج الانتخابات خصوصا في ظل مجتمع اسرائيلي يميل نحو اليمين عموما واليمين المتطرف على وجه الخصوص. واعتقد ان من بين اهداف العدوان الذي امر به نتنياهو التأثير على مجرى الانتخابات في اسرائيل.
ثم لنلاحظ، انه بعد تأكيد كل الفصائل الفلسطينية على التزام وقف اطلاق النار الذي توسطت فيه مصر، عمدت اسرائيل بعد 12 ساعة الى توجيه ضربة جديدة في قطاع غزة، وكأنها تقول انها هي التي تقرر متى توجه ضربة ومتى تهدئ. وهنا تأتي عملية خلط الأوراق.
تراجع الاهتمام بالسلام
كان الملاحظ في لقاء أوباما ـ نتنياهو الأخير في البيت الأبيض، الغياب التام للموضوع الفلسطيني والحضور الطاغي للموضوع الإيراني، فهل توافق على تحليل يقول ان نتنياهو جلب اوباما الى ملعبه بحيث ابعد النقاش حول القضية الفلسطينية وحصره في الملف النووي الإيراني، علما انه ليس جادا اساسا في توجيه ضربة الى ايران رغم كل تهديداته، وأنه يعرف أن الولايات المتحدة لن توافق على ضربها؟
ـ لا اوافق تماما على هذا التحليل: بتقديري الولايات المتحدة تعلم ما تفعله، وانا لست من المؤمنين بأن إسرائيل تقود الولايات المتحدة، بل على العكس فالولايات المتحدة غير جادة اساسا في عملية السلام. لا نزال نذكر خطابي اوباما في جامعتي القاهرة وانقرة، السؤال اين هو من خطابيه، الذي قال فيهما انه يأمل في رؤية دولة فلسطينية خلال سنتين؟ الإدارة الأميركية منحازة لإسرائيل بشكل كامل، ومن دون التقليل من تأثير اللوبي اليهودي مثل "أيباك"، اذكر أيضا بأن الإدارات الأميركية تؤكد دائما ان اسرائيل هي مصلحة قومية اميركية قبل النفط، فإسرائيل أولا والنفط ثانيا، وهي وفق المنطق الأميركي التي تحمي تدفق النفط لمصلحة الولايات المتحدة والغرب، وان اسرائيل هي التي تحمي المصالح الأميركية في المنطقة.
ثم هناك لازمة اسمعها منذ ان تعلمت القراءة والكتابة، حيث عندما يتعلق الأمر في القضية الفلسطينية او قضايا تخص العرب، يقال ان السنة هي سنة انتخابات اميركية فيما اي قضية اخرى في اي مكان في العالم لا تجمد ولا تتأثر بسنة الانتخابات الأميركية. ذلك لأن إسرائيل هي الطرف الآخر في قضايا فلسطين والعرب.
ايضا مسألة ايران دخلت خلال زيارة نتنياهو الى واشنطن ضمن لازمة الانتخابات الاميركية، فأصر اوباما على رفض توجيه اي ضربة لها، علما انني مقتنع ان التهديد بتوجيه ضربة إلى إيران ليست سوى بالونات فارغة، ونحن نسمعها منذ خمس سنوات ولا شيء يحصل. انا غير مقتنع بأن اميركا او اسرائيل يريدان توجيه ضربة الى ايران.
لقد كنت سفيرا في العراق اثناء الغزو الأميركي في العام 2003، فما كان موقف إيران في حينه ممن تسميه "الشيطان الأكبر"؟ الم تغض ايران الطرف عن الغزو الأميركي. ثم ان الرئيس احمدي نجاد زار بغداد تحت الاحتلال الاميركي وهبط في المنطقة الخضراء الواقعة كليا تحت السيطرة الاميركية وبحماية الجيش الاميركي، فكيف نفسر ذلك؟.. اترك الإجابة للقراء.
عودة الى الشأن الفلسطيني مجددا: انسداد في افق المقاومة وانسداد في افق السلام. في المقابل تطرحون فكرة المقاومة الشعبية القائمة اساسا الآن على امتداد جدار الفصل العنصري، وسط الانسدادين انفي الذكر، هل يمكن ان نراهن على التحرك الشعبي، وبالتالي السؤال ما هو واقع القضية الفلسطينية؟
ـ نعتز في حركة "فتح" ان فكرة المقاومة الشعبية بادرنا الى طرحها منذ امد بعيد. منذ انطلاقة "فتح" طرحنا مبدأ حرب الشعب طويلة الأمد، وهي ليست حربا في السلاح فقط، انما بكل الوسائل. أتذكر عندما كنا في لبنان كم من مرة عقدنا اتفاقات لوقف النار مع اسرائيل بواسطة الأمم المتحدة؟.. حرب الشعب تسير في طريق متعرج، يمكن ان تكون في حالة صعود او هبوط، وذلك اعتمادا على الظروف الذاتية والموضوعية.
بعد 1982، واجهنا صعوبات كثيرة، وايضا واجهنا صعوبات ومشاكل كثيرة بسبب المحيط العربي، ونحن جزء من هذه الأمة ونتأثر بما يجري، ويجب الا نقلل من اهمية ما حصل في العراق، او حتى مما يجري حاليا في المنطقة العربية من انشغال في القضايا الداخلية والتشتت الحاصل، وهي تطورات ابعدت الأضواء عن القضية الفلسطينية، لكن رغم ذلك ورغم كل الظروف القاسية، عندما ذهب الرئيس ابو مازن الى الامم المتحدة، وكنت ضمن الوفد الذي رافقه، وعندما نودي على اسمه ليلقي كلمته، وقفت كل الوفود مصفقة له واستقبل بحرارة، وعاد وهج القضية الفلسطينية رغم الضغوط التي مورست علينا حتى لا نذهب الى الامم المتحدة ونقدم طلب العضوية.
اخر قرار صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة، هذا القرار الذي صدر في كانون الثاني (يناير) الماضي، نال اصوات 182 دولة لأول مرة في تاريخ التصويت حول قرارات ذات صلة بفلسطين. وعدد الذين اعترفوا بالدولة الفلسطينية في الأشهر الستة الأخيرة في سياق تحركنا نحو الامم المتحدة بلغ 30 دولة ومعظمها في اميركا اللاتينية.
اذا، رغم الصعوبات التي تواجهنا في المنطقة، وهنا اشدد على ان الانظمة العربية مقصرة باتجاه فلسطين، نلاقي تأييدا كبيرا على الصعيد الدولي. معنى ذلك ان وهج القضية الفلسطينية لم ينطفئ وان مكانتها محفوظة، فكيف لو كانت الأمة العربية تجند طاقاتها ماديا ومعنويا لدعم القضية الفلسطينية؟ فدولة مثل البوسنة، وهي دولة صديقة، لم ننجح في تأمين دعمها لنا في مجلس الأمن بسبب الضغوط الأميركية وغياب الدعم العربي مما اضعف الطلب الفلسطيني بالاعتراف بالدولة الفلسطينية في مجلس الامن ولم يتم بالتالي التصويت عليه.
وايضا في مسألة المقاومة الشعبية هناك نجاحات كثيرة. بدأ التحرك ضد جدار الفصل العنصري في قرية بلعين وحدها والان اكثر من 15 بقعة فيها تظاهرات اسبوعية يشارك فيها متضامنون اجانب بينهم الكثير من الاميركيين ونشطاء سلام اسرائيليين. ونجحت التحركات في بلعين في تغيير موقع جدار الفصل وتحرير نحو 3 الاف دونم من اراضي القرية.
والصراع في القدس يجري من غرفة الى غرفة في المنزل الواحد بيننا وبين المستوطنين الاسرائيليين، ويخرج (الشيخ) القرضاوي محرما الذهاب الى القدس لدعم المقاوم الفلسطيني هناك ودعم صمود القدس.
ان مخاطر تهويد القدس جدية ومقلقة.. قمة سرت الأولى قررت تشكيل صندوق بـ500 مليون دولار لدعم القدس وصمودها، وتم تأكيد القرار في قمة سرت الثانية، وحتى هذه اللحظة لا يوجد دولار واحد في صندوق القدس.
الربيع العربي وفلسطين
الربيع العربي وفلسطين: هناك انتفاضة شاملة تعم الوطن العربي، نجحت في تونس ومصر وليبيا واليمن وهي قائمة في سوريا وقد تمتد الى بلدان اخرى. هناك من يقول قلما شاهدنا علما فلسطينيا في ساحات التظاهر، وهناك من يجيب بأن الديموقراطية في البلدان العربية هي بحد ذاتها انجاز يصب في مصلحة القضية الفلسطينية، السؤال هو: أين تقع فلسطين في الربيع العربي؟
ـ الذي ركز على غياب فلسطين في الربيع العربي هو اساسا الاعلام الغربي والاسرائيلي، الذي ابدى سعادة لهذا الغياب، كان العلم الفلسطيني حاضرا في ساحات تونس ومصر وفي التظاهرة الكبيرة امام السفارة الاسرائيلية في القاهرة، حيث استشهد 6 مصريين واصبح 1350 اخرين بجروح، وهذا يدل على ان القضية الفلسطينية هي في قلوب وعقول المواطنين العرب.
في مصر تعالت بعد الثورة الاصوات التي تطالب بتصحيح اتفاقية كامب ديفيد بل هناك من يطالب بإلغاء الاتفاقية، وهذا يؤكد استمرار الصراع العربي ـ الاسرائيلي.
ثم اننا مقتنعون ان نيل الشعوب العربية حريتها والقضاء على الفساد وحق تلك الشعوب في ان تختار انظمتها وتداول السلطة وحرية التعبير والتنمية والتعليم والتطوير، ليست مصلحة فقط لتلك الشعوب، انما ايضا تصب في مصلحة القضية الفلسطينية، بل كل القضايا العربية.
ربما يكون هناك الآن انشغال مؤقت الى ان تتبلور الأمور وتستقر. وخلال المرحلة الانتقالية هذه، فإن القضية الفلسطينية قد يلحقها بعض الجمود، خصوصا في المجال الرسمي. وهنا اود ان اشير الى ان اجتماع لجنة المتابعة العربية حول فلسطين تأجل 5 مرات متتالية بضغط من الولايات المتحدة، للتركيز على الملف السوري، الذي كان البند الوحيد ايضا خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب. حتى عندما التأمت لجنة المتابعة، وكنت حاضرا، اعطيت القضية الفلسطينية ساعة واحدة وباقي الوقت كان لسوريا واليمن، ولم يأخذ بالتالي الموضوع الفلسطيني حقه الطبيعي، واذا اتخذت اي قرارات فمصيرها كالعادة الحفظ في الادراج.
ان ما يجري حتى الآن هو صورة عن تصرفات الأنظمة العربية، فيما اعتقد ان التحول نحو الديموقراطية واقامة انظمة نابعة من اختيار الشعوب العربية سوف يغير الصورة، ورغم التدخلات الخارجية، سوف يغير هذه التصرفات.
سوريا: عندما نقول سوريا الامر يختلف عن مصر وتونس وليبيا واليمن، في سوريا اكثر من 500 الف لاجئ فلسطيني. اولا: كيف ترون الوضع العام في سوريا. ثانيا: ما هو تأثير ما يجري في سوريا على القضية الفلسطينية. وثالثا: ما هو تأثير ما يجري على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في سوريا؟
ـ لا شك ان ما يجري في سوريا يختلف عما جرى في باقي الدول التي شهدت انتفاضات، بسبب موقع سوريا الجيوسياسي ودورها التاريخي وثقلها في عالمنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط وموقعها في الصراع العربي ـ الإسرائيلي. ان اي تغيير في سوريا يترك اثره على فلسطين ولبنان والاردن والعراق، وفي هذه المنطقة تتركز قضايا كل العرب وخصوصا الفلسطينيين، فالمخيمات الفلسطينية لن تكون هي المتأثرة فقط بل كل البلدان المجاورة لسوريا، اي ان الاثر، سلبا ام ايجابا، سيكون شاملا.
نحن نتمنى ان يتم التوصل الى حل سلمي لما يجري في سوريا، ونحن نحترم اي قرار يريده الشعب السوري. واكرر التأكيد اننا لا نريد ان نكون طرفا في ما يدور، نحن نراقب ونأخذ كل الاحتياطات في ضوء التطورات.
حتى ما يدور في مصر يؤثر علينا كفلسطينيين، فنحن نتطلع الى انهاء الفوضى السياسية والامنية في مصر، ونذكر في هذا السياق ان اسرائيل تسعى جاهدة الى ان ترمي هم قطاع غزة على مصر بهدف منع قيام دولة فلسطينية.
لبنان عشق فلسطين
الآن انت في زيارة الى لبنان، فكيف ترى الوضع في لبنان؟
ـ الوضع في لبنان لا يزال قلقا، ونحن في خوف دائم على لبنان، لأننا نعشق لبنان، ليس لأنه فقط يستضيف مواطنين فلسطينيين منذ 64 عاما، وانما لأننا مدينون للبنان لاحتضان شعبه القضية الفلسطينية، فلولا وقوف لبنان الى جانبنا لما حققنا اي تقدم، من انتزاع اعتراف دولي بمنظمة التحرير وصولا الى اقامة السلطة الوطنية الفلسطينية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته. نحن نعيش الهم اللبناني على انه هم فلسطيني، نتمنى ونأمل ان يحفظ لبنان وحدته واستقلاله وكرامته، ونعتبر ان تحقق ذلك هو نصر لفلسطين ولكل العرب.
شهد لبنان في اليومين الأخيرين، خلال وجودك، اكتشاف خلية أصولية تعمل داخل الجيش اللبناني، احد الذين يقفون خلفها قيل انه موجود في مخيم عين الحلوة، ما اوجد خشية من توتر يطاول المخيم، حتى ان هناك من ذكر في هذا المجال بما حدث في مخيم نهر البارد، ما هو تعليقكم؟
- خلال زيارتي الحالية، التقيت شخصية لبنانية بارزة، قالت لي انه لم يعد مقنعا بتاتا انه عندما يكون هناك فلسطيني مذنب بقضية ما او ان يلجأ لبناني مطلوب الى المخيم، ان يجمل كل الفلسطينيين بالمسؤولية. نحن نحترم السيادة اللبنانية ونؤكد اننا داخل المخيمات او خارجها تحت سلطة القانون اللبناني. اي شخص خارج على القانون وموجود في المخيمات نقوم، وبحسب امكانياتنا بتسليمه الى السلطات اللبنانية.
ايضا نحن في السنوات الأخيرة، وبعد ما حدث في نهر البارد، اعتمدنا اجراءات داخل المخيمات، بحيث لا نسمح لأحد في أن يستخدم المخيم.
نحن نتمنى ان يتمكن الجيش اللبناني وقوى الأمن اللبنانية من بسط سلطة الدولة على كل بقعة من الأرض اللبنانية، بما فيها المخيمات الفلسطينية، وسنكون شاكرين لهم اذا تولوا حفظ الأمن داخل المخيمات مثلها مثل اي حي من الاحياء في المدن اللبنانية، فالمخيمات ارض لبنانية والسيادة عليها يجب ان تكون لبنانية.
خلال لقائي اليوم (أول من أمس) مع مسؤول لبناني، تحدثنا عن "فتح الإسلام" وقال لي انها ليست "فتح" ولا "اسلام"، فالاسم يحدث ارباكا بحيث يعتقد المواطن اللبناني ان للفلسطينيين علاقة بها. الكل يعرف كيف وصلت "فتح الاسلام" الى نهر البارد، وكذلك فإن عدد الفلسطينيين في هذا التنظيم قليل جدا، وعدد اللبنانيين او الاخرين من جنسيات عربية هم اكثر كثيرا من عدد الفلسطينيين. للأسف البعض اراد ان يشوه صورة المخيم الفلسطيني عبر "فتح الاسلام".