الرئيس الأسبق للحركة الصهيونية ينضم إلى حزب عربي
صُدِمت الأحزاب السياسية في إسرائيل من تصرف أحد القادة الكبار للحركة الصهيونية والكنيست، أبراهام بورغ، الذي حضر إلى مدينة الناصرة العربية للمشاركة في مؤتمر لأكبر الأحزاب الوطنية لفلسطينيي 48 (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة)، ويعلن تأييده ويطلب الانتساب إلى عضويته.
وقد أثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة من قوى اليمين وحتى من قوى اليسار، باعتبار أن الجبهة المذكورة ترفع علم العداء للصهيونية وتقوم بالأساس على أركان الحزب الشيوعي (راكح).
المعروف أن بورغ رجل يهودي متدين، والده وكل أفراد عائلته تقريبا متدينون، ووالده يوسف بورغ، كان زعيم حزب «المفدال»، حزب المستوطنين. وكما قال أول من أمس، فهذه كانت أول مرة في حياته يحضر نشاطا سياسيا في يوم السبت، فاليهود عادة يحافظون على قدسية السبت كيوم راحة، إلا في حال وجود خطر على الحياة. وفي كلمته في الناصرة قال بورغ إنه يرى في الأوضاع الحالية التي تعيشها إسرائيل مسألة حياة أو موت، لذلك قرر أن يخرق عادته وحرمة السبت.
وكان بورغ، البالغ من العمر 59 عاما قد تبوأ عددا من أهم المناصب في البلاد. في مطلع شبابه خدم في الجيش سنوات كثيرة، وبلغ حد الحصول على درجة ضابط في وحدة قتالية. وكان وزير الدفاع الحالي، موشيه يعلون، قائدا له. لكن جرى تسريحه من الجيش في سن الثامنة والعشرين، وانضم إلى حركة «سلام الآن». في سنة 1983، في أول مظاهرة لهذه الحركة، أصيب بجراح من جراء قيام يميني متطرف بإطلاق الرصاص، وقتل يومها إميل غرانتسفايغ، وأصيب بورغ ويوفال شتاينتس، وزير الشؤون الاستراتيجية اليوم (الذي انتقل إلى اليمين لاحقا). ثم انضم بورغ إلى حزب العمل وانتخب للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في سنة 1988، وأصبح وزيرا لاستيعاب المهاجرين في حكومة اسحق رابين، ثم انتخب رئيسا للوكالة اليهودية ورئيسا للمؤتمر الصهيوني العالمي. ثم عاد إلى الكنيست وانتخب رئيسا له، بل أصبح رئيسا مؤقتا للدولة العبرية لشهور عدة، في الفترة ما بين استقالة عيزر فايتسمان وانتخاب موشيه قصاب.
وأعلن بورغ في الناصرة أنه قرر هجر أحزاب القومية اليهودية، التي تدير سياسة استعلاء قومي على العرب والفلسطينيين، والانضمام إلى حزب يهودي عربي مثل الجبهة، لأن هناك مصلحة في إحداث هزة للمجتمع الإسرائيلي والحركة السياسية فيها. وقال إنه يخجل من قيادة الدولة في السنوات الأخيرة، وخصوصا في ظل حكم بنيامين نتنياهو، التي تؤدي إلى تدهور مصالح إسرائيل بشكل فظ، وتلحق أضرارا فادحة بحياة المواطنين ومستوى معيشتهم، وتهدد بكارثة للشعب الفلسطيني. وأضاف: «هناك تطرف أعمى لدى قيادتنا يتناقض مع القيم اليهودية التي تربيت عليها، وأنا أرد بهذه الخطوة على تلك السياسة المجنونة».
وانتقد المتطرفون هذه الخطوة واعتبروها «آخر محطة في خيانة التاريخ والمبادئ»، كما ورد في موقع إخباري للمستوطنين في الضفة الغربية. وحتى زميل بورغ في حركة السلام، يوسي بيلين، اعتبرها خطأ. وكتب يقول: «آسف عليك أخي أبراهام. بالنسبة لي لا يعتبر الانضمام إلى الجبهة جريمة، لأنها حزب مشروع، تتوفر فيه عناصر الديمقراطية، ولديه تاريخ مثير للاهتمام (على سبيل المثال دعم قرار التقسيم عام 1947 وريادته في طرح حل الدولتين، ومن ناحية أخرى تقديم الدعم لستالين واعتبار الاتحاد السوفياتي كنموذج سلطوي واجتماعي مناسب). ولكن الجبهة ليست حزبا صهيونيا، وإذا شئت فهي ضد الصهيونية، وتعتبر الصهيونية إكراها واحتلالا وتنكيلا وسلبا، وليست مشروعا لشعب تم اضطهاده وملاحقته تقريبا في كل الدول التي عاش فيها حتى القرن الماضي.
من المشروع طبعا وجود حزب غير صهيوني في إسرائيل، بل ومعاد للصهيونية، مثل كل الأحزاب المتزمتة. ولكن انتقالك كإنسان ولد في أكثر بيت صهيوني يمكن التفكير فيه، وكمن ترأس الهستدروت الصهيونية (التي عفى عليها الزمن ويستحق استبدالها بمؤسسة جديدة) وعلى رأس الوكالة اليهودية (التي لم يعد أي مبرر لوجودها منذ قيام الدولة)، إلى حزب يرفض الصهيونية، هو انتقال يصعب علي تحمله».