التاريخ : الخميس 02-05-2024

السفير دبور يلتقى وفد من نقابة تجار ومستوردي المستلزمات الطبية والمخبرية في لبنان    |     السفير دبور وابو العردات يلتقيان قيادة حركة فتح في منطقة صيدا    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة صور    |     السفير دبور يستقبل قادة افواج الاطفاء الفلسطيني في لبنان    |     السفير دبور يكرم الفنانة التشكيلية هبه ياسين    |     الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع
الصحافة الفلسطينية » متى يصبح المواطن على رأس الأولويات؟

 

متى يصبح المواطن على رأس الأولويات؟

جريدة الايام

 

بقلم طلال عوكل 26-3-2012

الموجة الأخيرة من الاشتباك الكلامي العلني بين غزة ورام الله، أثارت من جديد، الأسئلة التي تتصل بالمصالحة، حتى بدا للبعض أن الأمور تعود إلى المربع الأول من الانقسام.

الحملة لم تتوقف عند حدود التشاؤم، وتحميل المسؤوليات بشأن أزمة الوقود المستفحلة التي تعاني منها غزة، واستدعاء لغة قديمة تضج بالنعوت، والتوصيفات النابية، وإنما ايضاً تنطوي على تهديدات صريحة لكل من تسول أو لا تسول له نفسه تغذية الاحتقان الذي يعيشه الشارع الغزي جراء تداعيات أزمة الوقود.

البعض يأخذ هذه الموجة من الاشتباك الكلامي، لكي يدعم فرضية مسبقة، أو رغبة مسبقة، بشأن استحالة تحقيق المصالحة الفلسطينية، دون أن يدرك هؤلاء أن استحالة تحقيق المصالحة تعني استحالة، معالجة أي من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تعصف بين الحين والآخر بهذا الطرف أو ذاك.

في الواقع فإن ثمة ارتباكا لدى حكومة غزة بشأن الجهة المسؤولة عن النقص الحاد في إمدادات الوقود اللازم لتلبية احتياجات السكان أو لتشغيل محطة توليد الكهرباء، ففي البداية، جرت محاولات عبر التفاوض مع مصر، من أجل ضمان توريد الوقود للقطاع، وحين اصطدمت تلك المحاولات بمواقف مصرية لا تستجيب لأسباب تتصل بالأمن القومي وبرؤية مصر للحقوق الفلسطينية، اندلعت موجة من التصريحات الغاضبة التي تحمل جهاز المخابرات المصرية المسؤولية. بعد ذلك جرى نقل الاتهامات إلى إسرائيل المحتلة، والسلطة الفلسطينية لكن الحملة تركزت على السلطة، وتجاهلت دور مسؤولية الاحتلال، وفي كل الحالات تجاهلت حملات الاشتباك الكلامي والاتهامات دور حركة حماس والحكومة المقالة، وحالة الانقسام الذي يعاني منه الوطن منذ أكثر من أربع سنوات.

هكذا تتحول حملات التحريض والاتهامات إلى مجرد خطاب لتفريغ الغضب، دون أن تؤدي إلى التوصل إلى حلول للأزمة، ودون أن تؤدي إلى أدنى تغيير في مواقف الرأي العام الفلسطيني، الذي يدرك كما يدرك المسؤول السياسي، الأسباب الحقيقية لهذه الأزمات.

نموذج الحل قدمته حكومة الدكتور سلام فياض، التي قامت بتزويد القطاع بنحو تسعمائة لتر من السولار الصناعي لتشغيل المحطة لمدة يومين، على أن يتوقف إمداد المحطة على نحو دائم، باستعداد حكومة غزة لتسديد أثمان الوقود، وإلاّ فإن عملية الإمداد ستتوقف، وستتوقف معها المحطة مجدداً، ليتواصل معها خطاب الاتهامات وتوجيه المزيد من اللعنات.

الكل يتحدث عن الأزمة، ولكن القليل من هؤلاء يقدم اقتراحات عملية تساعد في معالجة الأزمة، وفي الواقع فإن أحداً لا يسمع للآخر، وكل لا يسمع إلا صوته الداخلي، ذلك أن الدوافع والأهداف والبرامج متضاربة إلى حد كبير وجذري.

واقعياً ليس ثمة الكثير من الحلول، بل ربما تكون محصورة في حل واحد فلسطيني الشكل، إسرائيلي المنشأ، فإذا كان من غير الممكن انتظار حلول واقعية من خلال دول تتعاطف مع قطاع غزة مثل قطر، والجزائر أو غيرهما، لأن هذه الحلول ستصطدم عاجلاً أم آجلاً، بموضوع الشرعية الفلسطينية، وبضوابط السياسة المصرية، وإذا كان من غير الممكن أن يأتي مثل هذا الحل عن طريق مصر كما لاحظنا، فإن من غير الممكن أن نتوقع من حماس البحث عن حلول من خلال إسرائيل.

انغلاق الآفاق أمام إمكانية معالجة أزمة الوقود في القطاع يعني أن ثمة مخرجاً واحداً ممكناً، وهو المخرج الفلسطيني، في الواقع فإن الحوارات السابقة على كثرتها، وطول الزمن الذي استغرقته، لم تتوقف أمام الموضوعات الاقتصادية والحياتية، وكان من المفروض أن تشمل الحوارات من أجل مصالحة، راسخة كل هذه القضايا.

هذا يعني، أن بالإمكان، بل من الضروري أن تلتقي الأطراف سريعاً، وعلى مستوى مسؤول، للبحث في وسائل وآليات معالجة هذه الأزمة التي تضرب مفاصل الحياة اليومية لسكان القطاع، والمؤسسات التي تقدم الخدمة للجمهور.

من ناحية أخرى، فإن أزمة الوقود، تقدم نموذجاً، مجرد نموذج لطبيعة التداعيات والمخاطر التي تنجم عن استمرار الانقسام الفلسطيني، ورفع مقام البرامج الفئوية إلى ما فوق البرامج الوطنية. إن المشكلة هنا تكمن في الرؤى التي تراهن على إمكانية التواصل مع ظاهرة الانقسام، وتشكل الكيانات المختلفة.

الجولة الراهنة من الاشتباك الكلامي، وحتى لو أن ذلك ترافق مع توترات ومضايقات واستدعاءات واعتقالات احترازية، أو انتقامية أو من أجل توليد الضغط، فإنها لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فلقد شهدت مرحلة الحوار الطويل، مثل هذه الانتكاسات الطارئة، لكن الأمور كانت تعود إلى سياقها الإيجابي العام، الذي يؤكد الحاجة للمصالحة.

ما يهم في هذا الاطار أن القيادات السياسية بمختلف أطيافها وانتماءاتها لا بد لها من الانتباه للرأي العام الفلسطيني، ونحو تلبية احتياجاته الأساسية ليس فقط من باب احترام حقوق المواطن الفلسطيني على أهمية ذلك، وحسب بل أيضاً من باب الحاجة الماسة لتعزيز صمود هذا المواطن على أرضه، ولتدعيم إيمانه بقضيته وحقوقه الوطنية، ولتعزيز استعداده للتضحية من أجل تحقيق الأهداف الوطنية. تستطيع القوى السياسية المسيطرة على القرار وعلى مصير العباد، أن تقول ما تشاء، وحتى أن تمارس الضغط على المواطنين بطرق مختلفة، لكن عليها أن تنتبه أن للصبر حدودا. وبعيداً عن التشاؤم أو التفاؤل بشأن إمكانية تحقيق المصالحة واستعادة الوحدة، وما يتعلق بهذا الملف من خلافات ويعتري الطريق من عقبات خارجية وداخلية، فإن اشتداد وطأة الأزمات على المواطن، من شأنه أن يقوض أسس الصمود على الأرض وأن يدفع الشباب وربما غير الشباب للهجرة، وهو أمر يعمل الاحتلال على تحقيقه كل الوقت.

 

2012-03-26
اطبع ارسل