التاريخ : الجمعة 17-05-2024

السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة البقاع    |     الرئيس يجتمع مع ملك البحرين    |     الرئيس يجتمع مع ملك الأردن في المنامة    |     الرئيس يجتمع مع نظيره المصري في المنامة    |     الرئيس أمام قمة المنامة: قررنا استكمال تنفيذ قرارات المجلس المركزي بخصوص العلاقة مع دولة الاحتلال    |     "أوتشا": توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة يكاد يكون مستحيلا بسبب نقص تدفق الوقود    |     الرئيس يجتمع مع نظيره العراقي    |     "العدل الدولية" تبحث اليوم طلب جنوب إفريقيا إصدار أمر بوقف هجوم الاحتلال على رفح    |     ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35272 والإصابات إلى 79205 منذ بدء العدوان    |     بمشاركة الرئيس: انطلاق أعمال "القمة العربية الـ33" في البحرين    |     الخارجية تطالب بتعزيز آليات محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق المعتقلين    |     الرئاسة تثمن مواقف الصين الداعمة لشعبنا وتدعم حقها في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها    |     السفير دبور يستقبل السفير الجزائري    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة بيروت    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة الشمال    |     الرئيس يهنئ أمير الكويت بتشكيل الحكومة الجديدة    |     "فتح" تنعى عضو المكتب السياسيّ للجبهة الديمقراطيّة القائد الوطني طلال أبو ظريفة    |     الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم ما يهدد بكارثة إنسانية    |     شهداء وجرحى في تجدد غارات الاحتلال على جباليا شمال قطاع غزة    |     "الأونروا": 360 ألف نازح من رفح خلال الأسبوع الماضي    |     أبو الغيط والمسلم: القضية الفلسطينية حاضرة بقوة على أجندة أعمال القمة العربية بالبحرين    |     رئيس الوزراء يشكر في اتصال هاتفي القائمين على مبادرة "سند" لجمع 2 مليار دولار لإغاثة أهلنا في غزة    |     رفح.. شوارع وأسواق مقفرة و"خوف" من المجهول    |     مع دخول العدوان يومه الـ216: عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غز
الصحافة الفلسطينية » كل الزيت في قناديل القدس
كل الزيت في قناديل القدس

 

 

كل الزيت في قناديل القدس

جريدة الايام

 

بقلم رجب ابو سرية 28-2-2012

على رغم كثرة ما أقيم من مؤتمرات ومن اجتماعات مختلفة وعلى غير مستوى من اجل مدينة القدس وللدفاع عن عروبتها وهويتها، ورغم أن كل المؤتمرات تلك التي أقيمت منذ أكثر من 45 سنة، وحتى الآن لم تجبر الاحتلال الإسرائيلي على وقف عجلة تهويد المدينة، إلا أن مؤتمراً إضافياً عقد في الدوحة قبل أيام كان كافياً لأن يزعج رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو.

ولم يفوت نتنياهو الفرصة لشن هجومه على الرئيس أبو مازن، ليس لأن أبو مازن حامل سيفاً ويقوم بملاحقته عبر المحافل الدولية، ولكن لأن أبو مازن في عرف نتنياهو هو رئيس الفلسطينيين، أياً كانت مواقفه وتوجهاته، لذا فإن فلسطينياً واحداً لم يكن مقبولا عند كل الإسرائيليين إلا الفلسطيني الميت! واعتبر نتنياهو خطاب الرئيس عباس في الدوحة تحريضيا، وربما فكر في داخله للحظة أن ينعته بأنه معاد للسامية مثلا أو انه ناف للمحرقة وما إلى ذلك !

كأن نتنياهو " ملوش شغلة " غير أبو مازن وغير الفلسطينيين، نعم هو كذلك وهذا هو حال كل الإسرائيليين في الحقيقة، وان كنا قد غفلنا نحن الفلسطينيين عن هذه الحقيقة، فهذه مشكلتنا وهذه في الحقيقة كارثة، لا يتعرض نتنياهو لصاحب الدار أو رئيس المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس، ولا لأحد من المشاركين، فهو يحدد هدفه بدقة ولا يشتت نيرانه ولا يزيد من أعدائه، كما نفعل نحن الفلسطينيين عادة، ولم يستخف بالمؤتمر، كما نفعل نحن عادة، حتى لو أن المؤتمر لم يتابع بعد أن ينفض قراراته ولم يقم بتنفيذ ما اتفق عليه المشاركون فيه، ذلك أن مجرد عقده من اجل القدس مهم، ثم ما يدور فيه أكثر أهمية، ذلك أن السارق يصاب بالهستيريا كلما ذكر احدهم بحادثة السرقة، فما بالنا بسارق وقاتل ومزور ومحتل ؟ !

أول الرسائل التي يشير إليها مؤتمر الدفاع عن القدس، هي رسالة لكل فلسطيني وعربي ومسلم، مفادها انه علينا أن لا نمل من الكفاح من اجل الدفاع عن المدينة المقدسة، ولا أن نتوقف في منتصف الطريق، وعلينا أن لا نعدم وسيلة حتى لو كانت أضعف الأيمان، حتى لو كانت كما قال الرسول الكريم (ص) من لا يستطيع زيارة بيت المقدس فليهد له زيتاً يسرج في قناديله، لم لا نرفع شعار " كل زيتنا في قناديل القدس " أي كل الدعم وكل الجهد من اجل القدس أولاً، والأمر ليس له علاقة بمكانة المدينة المقدسة وحسب ولكن له علاقة بمكانتها في إستراتيجية الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمني النفس بأن يخرج ظافرا بها في نهاية المطاف الاحتلالي، حتى لو خرج من كل الأراضي المحتلة عام 67 وظفر بها فانه سيكون مرتاحا وسعيدا، ويمكنه أن يمرر حلا سياسيا يخرج بموجبه الاحتلال من كل الضفة الغربية وغزة، إذا ما طلع من مولد الاحتلال بالقدس .

ولأنه يعرف أيضا أن إخراج القدس من المعادلة يحبط الفلسطينيين، ويجعل حتى فوزهم بدولة مستقلة لا معنى له، بل وعمليا يجعل من الحل أمرا مستحيلا، لذا فان إسرائيل تركز منذ زمن طويل على القدس، ولكن فقط لأن للبيت رباً يحميه، ولأن الشعب الفلسطيني حي وصامد ومقاتل شجاع، لم تسقط القدس بعد تماما في جيب إسرائيل، لكن استمرار صمودها يحتاج دعما عربيا وإسلاميا وعلى أكثر من مستوى .

هذة حقيقة مدركة منذ وقت طويل، لذا فان كل المؤتمرات تقرر تقديم الدعم المالي والمعنوي والسياسي لها، لكن معظم قرارات العرب والمسلمين تبقى حبرا على ورق، ويبقى سكان المدينة ومن حولها ( أكناف بيت المقدس ) من عرب 48 ومن سكان المدن والقرى القريبة منها في الضفة الغربية يدافعون عن عروبتها باللحم الحي، لذا تتجدد المواجهات عادة أيام الجمع عند مواعيد صلاة الجمعة، وخير دليل على ذلك ما قرره العرب قبل نحو عامين في مؤتمر القمة العربية في سرت بليبيا من تخصيص مبلغ ( 500 ) مليون دولار أميركي لدعم البنى التحتية للمدينة ولم يصل منه للمدينة سوى مبلغ 37 مليونا أي ما يعادل 7% فقط مما تم إقراره من الملوك والرؤساء العرب !

هذه هي المشكلة، لكن المتحول الإقليمي يدفعنا لبعض التفاؤل في الحراك الشعبي، الضاغط على الحكومات العربية، لذا فان ما تم إقراره من خطة تقوم على قاعدة أن تتبنى كل دولة عربية أو إسلامية قطاعا لدعم البنية التحتية، حيث يسعى الاحتلال إلى إفقار متواصل للمدينة بهدف تهجير من بقي فيها وإكمال سياسة التطهير العرقي كجزء من سياسة التهويد، والاهم برأينا هو ما اتفق عليه الطرفان المضيف القطري والفلسطيني من طرح قضية القدس على مجلس الأمن الدولي لمناقشة كل ما قامت به سلطات الاحتلال من إجراءات غير قانونية بحق المدينة منذ عام 67 إلى الآن، وهذا يعني محاولة كنس كل ما فعلته إسرائيل من إجراءات احتلالية استنادا لقرارها غير الشرعي بضم المدينة لدولتها في 27/6/67 أي بعد ثلاثة أسابيع من حرب عام 67 وكأحد أول نتائج هذه الحرب.

هذا القرار برأينا لا يقل أهمية عن طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وهو مشروع قرار من الصعب أن ترفضه المجموعة الأوروبية، كما أنه يستند إلى كون فلسطين الآن عضوا في اليونسكو، والى مكانة القدس لدى نحو خمس سكان العالم، وهذا يفسر حنق وردة فعل نتنياهو على " الدوحة " وعلى أبو مازن، لكن وحيث أن حديث الدوحة كان بعيدا وفي إطار المستوى الرسمي، فان المواجهة على الأرض لم تكن اقل أهمية بل كانت حامية الوطيس، وهي تبشر بمواجهة حاسمة حول القدس وبسببها بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا احد عليه أن ينسى أن الفلسطينيين حين تنغلق أمامهم الأبواب يجترحون المعجزات، ويبدو أن معجزة إطلاق الربيع الفلسطيني، عبر المقاومة السلمية / الشعبية التي تتمتع بإجماع سياسي داخلي باتت على الأبواب، فها هو محيط القدس يشتعل، على مقربة من الحواجز المحيطة بالقدس وبين أسوارها، ذلك أن المقاومة يجب أن لا تقتصر على المقدسيين فقط، قريبا سيكون هناك يوم الأرض فإذا ما ترافق مع طرح قضية القدس في الإعلام وعلى مجلس الأمن، فان متغيرا قد يحدث ويقلب طاولة الاحتلال رأسا على عقب، وفي النهاية فان قضية القدس ليست شعارا من باب المزايدات السياسية بل هي ملخص وامتحان لفلسطينية كل فلسطيني وعروبة كل عربي وإسلام كل مسلم، وكل الكلام الإنشائي الذي لا يقدم لها شيئا يبقى زبدا في الهواء، ومن كان لديه مدينة كالقدس، لا يخشى أي احتلال، ففي النهاية يمكنها أن تجمع ليس الفلسطينيين المنقسمين الآن، بل كل العرب وكل المسلمين، فماذا ننتظر، من أجل إطلاق معركة القدس التي بدأها الاحتلال منذ 45 سنة ويديرها على ناره الهادئة، في انتظار أن يظفر بعاصمة الكون ودرة العالم الذهبية .

 

2012-02-28
اطبع ارسل