التاريخ : الجمعة 17-05-2024

السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة البقاع    |     بوتين يدعو لحل عادل للقضية الفلسطينية    |     القادة العرب ينددون باستمرار عدوان الاحتلال على قطاع غزة    |     إعلان البحرين يؤكد ضرورة وقف العدوان على قطاع غزة فورا ورفض محاولات التهجير القسري    |     منصور يبعث رسائل لمسؤولين أممين حول النكبة المستمرة التي تلحقها إسرائيل بشعبنا منذ 76 عاما    |     الرئيس يجتمع مع رئيس وزراء الكويت    |     فرنسا تدين تصريحات بن غفير بشأن إعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه    |     الرئاسة ترحب بإجراءات "العدل الدولية" بشأن اتخاذ تدابير مؤقتة إضافية لحماية شعبنا من الإبادة الجماعي    |     الرئيس يجتمع مع ملك البحرين    |     الرئيس يجتمع مع ملك الأردن في المنامة    |     الرئيس يجتمع مع نظيره المصري في المنامة    |     الرئيس أمام قمة المنامة: قررنا استكمال تنفيذ قرارات المجلس المركزي بخصوص العلاقة مع دولة الاحتلال    |     "أوتشا": توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة يكاد يكون مستحيلا بسبب نقص تدفق الوقود    |     الرئيس يجتمع مع نظيره العراقي    |     "العدل الدولية" تبحث اليوم طلب جنوب إفريقيا إصدار أمر بوقف هجوم الاحتلال على رفح    |     ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35272 والإصابات إلى 79205 منذ بدء العدوان    |     بمشاركة الرئيس: انطلاق أعمال "القمة العربية الـ33" في البحرين    |     الخارجية تطالب بتعزيز آليات محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق المعتقلين    |     الرئاسة تثمن مواقف الصين الداعمة لشعبنا وتدعم حقها في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها    |     السفير دبور يستقبل السفير الجزائري    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة بيروت    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة الشمال    |     الرئيس يهنئ أمير الكويت بتشكيل الحكومة الجديدة    |     "فتح" تنعى عضو المكتب السياسيّ للجبهة الديمقراطيّة القائد الوطني طلال أبو ظريفة
الصحافة الفلسطينية » المصالحة: النوايا لا تكفي
المصالحة: النوايا لا تكفي

 

المصالحة: النوايا لا تكفي

جريدة الايام

 

بقلم د. عبد المجيد سويلم 23-2-2012

 

قطاعات واسعة من الشعب يحدوها الأمل بأن تكون اجتماعات القاهرة الجارية محطة انطلاق عملية للشروع في الجان بالتطبيقي المباشرة لاتفاق الدوحة.

تعوّلُ هذه القطاعات أساساً على النوايا وعلى صدق التوجه عند الرئيس وعند رئيس المكتب السياسي، على الرغم من العقبات التي يواجهها السيد خالد مشعل من قبل بعض القيادات المتنفذة في حركة حماس، كما تعوّلُ هذه القطاعات على الدور القطري الداعم وعلى مؤازرة حركة الاخوان المسلمين في معظم دول الاقليم العربي لهذا الاتفاق وللسيد خالد مشعل في توجهه نحو المصالحة، إضافة إلى التأييد التام الذي يحظى به الاتفاق من قبل حركة فتح ومن قبل الغالبية الساحقة من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، وحتى من الفصائل التي ما زالت خارجها رسمياً.

 

لكن النوايا غالباً لا تكفي، خصوصاً وأن إعلان الدوحة يواجه جملة معقدة من الصعوبات الموضوعية الناتجة عن الموقف الإسرائيلي بكل ما يحيط بهذا الموقف من تبعات ومتاعب، والناتجة أيضاً عن جملة كبيرة من التعقيدات التي تتصل بإيجاد حلول عملية خلاّقة للواقع الذي تكرس جرّاء تراكم سنوات طويلة من الانقسام.

والنوايا لا تكفي ليس للأسباب الآنفة الذكر فقط، وإنما للأسباب التي تتعلق بالعقبات الذاتية الناتجة عن واقع غموض الموقف الحقيقي داخل حركة حماس، والذي سيؤدي في أغلب الظن إلى إبقاء الاتفاق عند حدود يصعب بموجبها النتقال الفعلي إلى ميدان التطبيق المباشر للاتفاق. ليس من المرجّح أن تعارض حركة حماس في الداخل (الضفة وغزة والسجون) الاتفاق وليس من المرجح أن تجهر الحركة بالمعارضة المباشرة لهذه القضية أو تلك من بنود الاتفاق حفاظاً على وحدة الحركة من جهة، وبهدف عدم الظهور بموقفٍ قد يؤدي إلى الاصطدام المباشر بدولة قطر وأميرها وبحركة الاخوان في مصر وباقي دول المنطقة، وبمعظم الدول الرسمية العربية والإسلامية التي تؤيّد الاتفاق.

في ضوء ذلك يُرجَّح أن تلجأ المعارضة الحمساوية الداخلية لإعلان الدوحة إلى القبول الشكلي للاتفاق والاعتراض عليه ومعارضته، وربما إعاقته عبر اشتراطات تضعها أمام الاتفاق في معرض وفي إطار "تفسيرها" –أي المعارضة من داخل حركة حماس- وفي إطار "فهمها" لبنوده.

ومع أن الرئيس كان واضحاً وشفافاً تماماً فيما يتعلق بطبيعة الحكومة وبرنامجها ودوره في تسمية أعضائها بعد التشاور مع كافة الأطراف كما يعلم الجميع، ومع أن أمير قطر والسيد خالد مشعل قد تفهما موقف الرئيس ولم يعترضها عليه، فإن المعارضة داخل حركة حماس يمكن لها أن تتذرع بعدم التشاور معها حول هذه المسائل، كما يمكنها أن تعطل معظم بنود الاتفاق حول الحكومة وغيرها بحكمة سيطرتها على القطاع.

لذا، فإن إعاقة الاتفاق دون المجاهرة بالاعتراض عليه ستعني في نهاية المطاف تأجيل التطبيق الفعلي والمباشر إلى مراحل لاحقة بانتظار المزيد من "الوضوح" في المشهد الاقليمي.

وإذا صحّت المعلومات التي تقول إن المعارضة للاتفاق من داخل حركة حماس بتطالب بتسمية أكثر من نصف الوزراء وبالوزارات "السيادية" وبكل من وزارة التربية والتعليم وكذلك وزارة الأوقاف، وبضرورة عرض الوزارة على المجلس التشريعي فرداً فرداً، وغيرها الكثير من الاشتراطات، فلن تنجم عن هذه الاشتراطات إلاّ مسألة مؤكدة واحدة، وهي نهاية ونسف الاتفاق من حيث الجوهر،والإبقاء عليه (قيد المناقشة وقيد الأخذ والرد)، من حيث الشكل ليس إلاّ، فإذا صحّت هذه المعلومات، إذاً، فإن الموقف الآخر الذي سينجم عن موقف المعارضة من داخل حركة حماس سيؤدي موضوعياً إلى إشعال الخلاف في صفوف حركة حماس، ولن يساعد على وحدتها وسيؤدي حتماً إعاقة عودة انتخاب الاستاذ خالد مشعل كرئيس للمكتب السياسي لحركة حماس وسيؤثر سلبياً على "المساومة التاريخية" الذي عقدتها حركة الإخوان المسلمين مع الغرب عموماً، ومع الولايات المتحدة الأميركية حول قضايا هامة واستراتيجية، فما فيها الحفاظ على الاتفاقيات الموقعة والالتزام بالدولة المدنية والوقوف في وجه التيارات السلفية الجهادية والتوافق على حالة معينة من الاستقرار الاقليمي.

بعبارات أخرى، لن تظلّ معارضة "حركة" حماس للاتفاق محصورة في الشأن الوطني الفلسطيني، وستجد هذه المعارضة انعكاسات لها في الإطار الاقليمي الأشمل، وهو الأمر الذي سيزيد الأمور تعقيداً ويحول موضوعياً حدة الحركة إلى موضوع للشد والجذب والتلاعب الاقليمي.

حركة حماس ليست بحاجة إلى كل هذه المشكلات، وهي تستطيع أن تنأآ بنفسها عن ذلك إذا ما كانت تؤمن بالشراكة الوطنية وبحتمية الشراكة الوطنية في ظل استحالة استفراد طرف فلسطيني بعينه في إدارة شؤون البلد إذا أرادت أن يبقى هذا البلد موحداً في وجه الاحتلال وموحداً في تحمّل أعباء القضية الوطنية.

وحركة حماس كجزء مكوّن من النسيج الوطني لها مصلحة مباشرة بمغادرة (ساحة النصائح الاقليمية) والتوجه الجاد نحو رأب الصدع الوطني والدخول في "مساومة" تاريخية جديدة مع حركة فتح ومع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى حين تحقيق أهداف المشروع الوطني، لأن أحد أهم نواقص هذا المشروع هو ثقل حركة حماس فيه.

وبقدر ما يحتاج المشروع الوطني لثقل حركة حماس فإن حركة حماس تحتاج إلى الشراكة الوطنية الكاملة مع كل مكونات وأطراف الحركة الوطنية الفلسطينية إذا أرادت أن تحافظ على دورها ومكانتها في الساحة الفلسطينية، حيث لم يثبت أن حركة (أياً كان وزنها وأيديولوجيتها وامتداداتها) استطاعت عبر التاريخ الفلسطيني المعاصر أن تعيش خارج نطاق المشروع الوطني أو بالضدّ منه وانتهت كافة محاولات كل مَن حاول الوقوف في وجه هذا المشروع إلى الفشل التام وأحياناً إلى الإفلاس المبكّرْ.

وأغلب القوى التي جرّبت هذا الطريق انتهت إما إلى الاضمحلال أو إلى العمل المأجور أو الارتهان الكامل لمشروعات معادية، وهو آخر شيء يمكن أن يتمناه أي وطني فلسطيني لأية حركة سياسي مناضلة.

كلّنا أمل وطموح أن ننتقل من دائرة النوايا إلى دائرة تفعيل الإرادة ومساعدة المخلصين على انجاز عملهم الوطني ومغادرة عقلية البحث عن الذرائع.

 

 

2012-02-23
اطبع ارسل