التاريخ : الجمعة 17-05-2024

السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة البقاع    |     الرئاسية العليا لشؤون الكنائس: زيارة الكاردينال بيتسابالا إلى غزة رسالة لقادة العالم من أجل وقف الحر    |     بوتين يدعو لحل عادل للقضية الفلسطينية    |     القادة العرب ينددون باستمرار عدوان الاحتلال على قطاع غزة    |     إعلان البحرين يؤكد ضرورة وقف العدوان على قطاع غزة فورا ورفض محاولات التهجير القسري    |     منصور يبعث رسائل لمسؤولين أممين حول النكبة المستمرة التي تلحقها إسرائيل بشعبنا منذ 76 عاما    |     الرئيس يجتمع مع رئيس وزراء الكويت    |     فرنسا تدين تصريحات بن غفير بشأن إعادة احتلال قطاع غزة وتهجير سكانه    |     الرئاسة ترحب بإجراءات "العدل الدولية" بشأن اتخاذ تدابير مؤقتة إضافية لحماية شعبنا من الإبادة الجماعي    |     الرئيس يجتمع مع ملك البحرين    |     الرئيس يجتمع مع ملك الأردن في المنامة    |     الرئيس يجتمع مع نظيره المصري في المنامة    |     الرئيس أمام قمة المنامة: قررنا استكمال تنفيذ قرارات المجلس المركزي بخصوص العلاقة مع دولة الاحتلال    |     "أوتشا": توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة يكاد يكون مستحيلا بسبب نقص تدفق الوقود    |     الرئيس يجتمع مع نظيره العراقي    |     "العدل الدولية" تبحث اليوم طلب جنوب إفريقيا إصدار أمر بوقف هجوم الاحتلال على رفح    |     ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35272 والإصابات إلى 79205 منذ بدء العدوان    |     بمشاركة الرئيس: انطلاق أعمال "القمة العربية الـ33" في البحرين    |     الخارجية تطالب بتعزيز آليات محاسبة إسرائيل على جرائمها بحق المعتقلين    |     الرئاسة تثمن مواقف الصين الداعمة لشعبنا وتدعم حقها في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها    |     السفير دبور يستقبل السفير الجزائري    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة بيروت    |     السفير دبور يلتقي قيادة حركة فتح في منطقة الشمال    |     الرئيس يهنئ أمير الكويت بتشكيل الحكومة الجديدة
الصحافة الفلسطينية » القُدسُ في خَطَر
القُدسُ في خَطَر

 

 القُدسُ في خَطَر

جريدة الايام

 

بقلم عزمي الخواجا 20-2-2012

القدس مدينة مقدسة عند المسلمين والمسيحيين، ففيها المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وفيها الصخرة المشرّفة وكنيسة القيامة والكنيسة الجثمانية، وفيها أيضاً، عدد من المساجد والكنائس المشهورة، والقدس مدينة قديمة منذ الكنعانيّين واليبوسيّين الذين هم قبيلة من الكنعانيين، وفيها نزلت كل الرسالات السماوية، وتعتبر عند المسلمين المدينة المقدسة الثانية بعد مدينة مكة المكرمة، وإليها يحجُّ المسلمون والمسيحيون، وعندما حدث العدوان الإسرائيلي على العرب العام 1967، واحتلت قسماً من أراضيهم بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية، بدأت إسرائيل بتهويد القدس وضمت القدس الشرقية إلى القدس الغربية لتصبح مدينة واحدة، و"عاصمة للدولة الإسرائيلية"، وهذا منافٍ للحقيقة وترفضه دول العالم، كما ترفضه الأمم المتحدة، وصدرت عدة قرارات من الأمم المتحدة ومجلس الأمن تؤكد عروبة فلسطين، ولم تكتفِ إسرائيل بتهويد القدس وبناء المستوطنات فيها وإنما بدأت ببناء المستوطنات اليهودية في باقي محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، وبدأت تستولي على الأرض بالقوة وتبني عليها المستوطنات.

ومنذ الاحتلال الإسرائيلي بدأت إسرائيل بالتنقيب عن الآثار في القدس داخل السور، لعلها تجد آثاراً إسرائيلية، وبدأت بالحفريات تحت المسجد الأقصى والصخرة المشرفة وفي الأحياء القديمة وباب المغاربة وتحت ساحة البراق (المبكى) لكنها لم تعثر على شيء، وكلها كانت آثاراً إسلامية أو رومانية وهذا باعتراف علماء الآثار والتاريخ الإسرائيليين، وما زالوا يعتقدون أن الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى، ويحاول اليهود المتطرفون أن يدخلوا المسجد الأقصى ولأكثر من مرة ويسيطروا على المسجد لهدمه وبناء هيكل محله، وقد ساعدت إسرائيل اليهود المتطرفين بعدد من الإجراءات ومنها اعتبار ساحة البراق هي (ساحة المبكى) حيث يقومون بزيارته والصلاة فيه، كما منعوا الشباب والرجال الفلسطينيين من صلاة الجمعة داخل المسجد الأقصى، ما دون سن الخامسة والأربعين، وطبعاً هذا اعتداء في حد ذاته على الشعائر الإسلامية، كما يحاولون هدم جسر باب المغاربة للوصول إلى المسجد الأقصى مباشرة ومن دون إعاقات، وحاول اليهود المتطرفون والمستوطنون مؤخراً اقتحام المسجد الأقصى، وقد تجمعت أعداد كبيرة من الفلسطينيين، ومنهم داخل "الخط الأخضر" في باحة المسجد الأقصى ليمنعوا المستوطنين من تحقيق ذلك، كما أن تصريحات بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان وتصريحات اليهود المتطرفين تساعد المستوطنين في التعدي على المسجد الأقصى والمساجد الأخرى في أنحاء الضفة الغربية، كما أن الجيش الإسرائيلي يساعد المستوطنين ويحرسهم وهم يدمرون البيوت الفلسطينية ويعتدون على الفلسطينيين وعلى ممتلكاتهم وعلى أشجار الزيتون.

وبعد الاحتلال عمل الإسرائيليون على توسيع القدس الشرقية ليضموها إلى إسرائيل، فأضافوا 28 قرية عربية من قرى وأحياء مدن: البيرة وبيت لحم وبيت جالا بمساحة سبعين كيلومتراً، بحيث أصبحت مساحة القدس الشرقية 27ـ28% من مساحة الضفة الغربية، فبعدما كانت مساحة القدس الشرقية 6 كيلومترات أصبحت 72 كيلومتراً، وهذا تم بواسطة عدة إجراءات واعتداءات قامت بها إسرائيل وهي:

أولاً: الطريق الطولية وتغطي الحزام الشرقي وتضم منطقة الزعيّم، الطور، العيسوية، "معالي أدوميم" شرقاً ومستعمرة "أبو غنيم" ثم "جيلو" من الجنوب الشرقي.

ثانياً: تحقيق السيطرة على القدس يتم من خلال:

1 ـ تفريغ البلدة القديمة وإجبار سكانها على المغادرة شمالاً.

2 ـ تفريغ قلب المدينة من حركة المرور.

ثالثاً: طريق يربط المنطقة الصناعية بالقرب من مطار اللد مع المنطقة الصناعية قرب مطار قلنديا (عطروت)، ويرتبط هذا الشارع بالمستوطنات الشمالية والشرقية على النحو التالي: "بيت شيمش"، "موديعين"، عيون الحرامية، وادي القلط، "ميشور أدوميم"، "فيرد يريحو"، وهو الحزام الخارجي ومركزه "معالي أدوميم". يطلق على هذا المخطط خاتم سليمان ومركزه الهيكل المزعوم ومن أخطاره تحويل المنطقة كاملة إلى مشروع سياحي ضخم على حساب الأحياء السكنية وهي حي سلوان ورأس العامود ويضع القدس الشرقية خارج أي مفاوضات، كما أنه يحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة.

لكن رغم إدانة المجتمع الدولي للاستيطان الإسرائيلي، وان القدس الشرقية هي أرض محتلة وما يسري على الضفة الغربية يسري على القدس الشرقية، رغم هذا فإن نتنياهو مستمر في الاستيطان، وخاصة في القدس الشرقية، ويقول مكتب نتنياهو: إن القدس ليست مستوطنة وإن القدس "عاصمة لإسرائيل" وبلدية الاحتلال في القدس الشرقية توافق على بناء (1300) وحدة سكنية في "بسغات زئيف"، كما أكد تسيفي هور الأمين العام للحكومة الإسرائيلية انه لم يحدث تجميد للبناء في القدس ولن يحدث مثل هذا التجميد وهذه سياسة الحكومة منذ حرب حزيران، كما يقول وزير التربية جدعون سامر: "إن لدينا حقوقا في القدس ولدينا موقفا واضحا في هذا الملف"، وهناك ألف وحدة استيطانية في مستوطنة "جبل أبو غنيم"، هذا عدا الإعلان عن بناء 2233 وحدة استيطانية في جبل أبو غنيم (هار حوماه)، وتزامن هذا مع لقاء نتنياهو مع جو بايدن وهيلاري كلينتون، وكان فيليب كراون قد شعر بخيبة أملٍ شديدة من الإعلان الإسرائيلي عن التخطيط لبناء وحدات سكنية جديدة، ومن داخل الحكومة الإسرائيلية احتجاجاً على القرار الاستيطاني الإسرائيلي الجديد (1600) وحدة سكنية انهم أحرجوا جو بايدن، وبقوله: "هذه تشكل نسفاً للثقة وضربة للجهود الأميركية التي بذلت خلال الشهور الماضية". إن 800 ألف يهودي جديد في القدس الشرقية تغيير لطابع المدينة.

ومتابعة لموضوع الاستيطان في القدس الشرقية والاعتداء على أملاك الشعب الفلسطيني، فقد أقامت سلطات الاحتلال حديقة عامة وسياحية في منطقة البستان في حي سلوان ما أدى إلى هدم 22 منزلاً ويتعرض للهدم 66 منزلاً آخر، كما هدم الاحتلال في حزيران العام 1967 "حي المغاربة" وحيا آخر في محيط المسجد الأقصى، وإسرائيل تفعل ما يحلو لها وترتكب الجرائم والمجازر بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ولهذا فإن المجتمع الدولي يعتبر أن إسرائيل فوق القانون، وفوق الأعراف والشرائع الدولية، والاستيطان لا تقرّه الشرائع الدولية ولا تقبل به الشعوب، كما ترفضه دول العالم، وتعتبره عقبة أساسية وحقيقية في طريق السلام، وعقبة في تحرير الأرض المحتلة، ويعتبر في الحقيقة سرقة تقوم بها دولة الاحتلال، والأمم المتحدة ترفض الاستيلاء على الأرض وإقامة مستوطنات على الأراضي المحتلة، وان دول الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا واليابان وباقي دول العالم تدين الاستيطان وترفضه، ومن جانب آخر أكد رؤساء البعثات الدبلوماسية الأوروبية في رسالة موجهة إلى اللجنة السياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي ان سياسة إسرائيل في القدس تهدد حل الدولتين، كما تهدد قضية السلام ومساعي السلام حيث يواجه أزمة صعبة.

وفي هذا الصدد يتلخّص موقف فرنسا بأن على إسرائيل تجميد الاستيطان، وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برلنار فاليرو: "إنه لا يمكن التغاضي عن مسألة الاستيطان". وقال، أيضاً: "إن الاحتلال مسألة غير مشروعة في نظر القانون الدولي، خصوصاً القرار الدولي (242)، ومعاهدة جنيف الرابعة و"خارطة الطريق" التي صادق عليها الجانبان"، وأضاف: "لن يكون هناك حل من دون وقف الاستيطان، وهذا مؤيد لموقف وزيرة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون المنتقدة لموقف إسرائيل، وقال كراولي، أيضاً: "إن الولايات المتحدة الأميركية لا تقبل شرعية مواصلة الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي المحتلة وستواصل التعبير عن هذا الموقف".

من كل ما تقدم يتضح أن القدس في خطر حقيقي وان إسرائيل لا تعتبرها أراضي محتلة، ولهذا مطلوب من الدول العربية والدول الإسلامية التي لها علاقة مع إسرائيل كمصر والأردن وقطر وتركيا وغيرها أن تضغط على إسرائيل بشكل واضح وصريح بأن توقف كل الاستيطان، وخاصة في القدس الشرقية، وتهدد إسرائيل بقطع العلاقات معها ونسف كل الاتفاقات معها، إذا لم تستجب إسرائيل لطلبات الدول العربية والدول الإسلامية بوقف الاستيطان والانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران العام 1967، وتستجيب للمطالب الدولية وقراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وأن تتذكر جمهورية مصر، وكذلك الأردن بأن انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية يجب أن ينطبق على فلسطين.

إن القدس مدينة مقدسة مسؤول عنها العرب والمسلمون فأين هم مما يحدث فيها؟ هل ينتظرون تدمير المسجد الأقصى والصخرة المشرفة، فأردوغان يقول: "إن فلسطين قضيتنا لن تسقط أبداً من جدول أعمالنا"، وان الانقسام أخطر ما تواجهه قضيتنا ويدعو "فتح" و"حماس" لتوحيد الصف"، إن التحرك يجب أن يكون سريعاً قبل فوات الأوان، ودول الخليج لها علاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، لماذا لا توظف هذه العلاقات لمصلحة القضية الفلسطينية ولمصلحة القدس بالذات.

إن نتنياهو يحدد ستة مبادئ للوصول إلى سلام من وجهة نظر إسرائيلية:

1 ـ أن يعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل دولة يهودية.

2 ـ أن تكون فلسطين منزوعة السلاح ليست لها سيطرة على غور الأردن، بما فيها حدود فلسطين مع الأردن.

3 ـ لا عودة للاجئين الفلسطينيين.

4 ـ بقاء المستوطنات الإسرائيلية وعدم فكفكتها.

5 ـ القدس الشرقية جزء من "القدس الكبرى"، و"عاصمة لإسرائيل".

6 ـ إنهاء مطالب الشعب الفلسطيني وإنهاء الصراع وعدم الانسحاب الإسرائيلي لحدود الرابع من حزيران 1967.

ما هذا السلام الذي يتحدث عنه نتنياهو؟ وان فلسطين فقط لها 10% من مساحة فلسطين الدولية. إن الفلسطينيين متمسكون بالثوابت الفلسطينية: حق العودة وتقرير المصير وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وسيستمرون في النضال حتى تتحقق هذه الثوابت وهذه الأهداف.

 

2012-02-20
اطبع ارسل