
الكاتبة البلجيكية بريجيت هيريمانس: من يعتقد بعد الآن أن إسرائيل ديموقراطية!
بروكسل 1-12-2014
أثار قانون 'الدولة القومية اليهودية'، الذي قدّمه عدد من نواب الليكود، وأقرته الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بداية الأسبوع الماضي نقاشا محتدما في الأوساط السياسية والإعلامية في بلجيكا التي تستضيف أهم مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
فضلا عن كثافة تداول الأخبار المتعلقة بالمبادرة وردود الأفعال المتضاربة حيالها من قبل مختلف المستويات في أوروربا، وبلجيكا على نحو خاص، أفردت بعض الصحف والمواقع حيزا للتعليقات وإبداء الآراء في خصوصها، مع التركيز على مواقف النخب السياسية في اسرائيل والتي تعارض طروحات اليمين الاسرائيلي المتصلة بـ 'يهودية الدولة'، وخاصة وزيرة العدل تسيبي ليفني، ووزير المالية يائير لبيد، ورئيس الدولة السابق شمعون بيريس الذي صرح بأن 'قانون الدولة اليهودية يشكل محاولة لاستغلال وثيقة الاستقلال من أجل جني مكاسب سياسية مؤقتة، وقد يؤدي إلى تفكك المجتمع الإسرائيلي والحد من مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية داخليا وخارجيا'.
ووصفت بعض التعليقات، التي نشرتها صحيفة دي ستاندارد في هذا الخصوص، إسرائيل بـ 'الديموقراطية الهشّة'، فيما انتقدت أخرى (صحيفة دي مورغن) دعوة أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل، فلسطينيي البلاد لمغادرة اسرائيل والعيش في الدولة الفلسطينية العتيدة تحت حكم السلطة الفلسطينية بهدف الحفاظ على 'نقاء دولة اليهود'. وطالبت الصحيفة دول الاتحاد الأوروبي التي تقيم علاقات خاصة مع اسرائيل 'بذريعة أن إسرائيل هي الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط'، بإعادة النظر بهذه العلاقات في حال إقرار هذا القانون.
وبلغت تعليقات وسائل الاعلام البلجيكية ذروة حدتها بالمقال الذي نشره موقع 'دي ريداكسي' (محررون) للكاتبة المعروفة بريجيت هيريمانس، والتي تعتبر، فضلا عن كونها صحافية معروفة، واحدة من أبرز نشطاء حقوق الانسان في البلد، تحت عنوان 'من يعتقد بعد الآن أن إسرائيل ديموقراطية!'، والتي رأت فيه أن اقتراح 'قانون الدولة القومية اليهودية يشكل صدمة للعالم، وصفعة للأقلية الفلسطينية التي لم تهاجر الى إسرائيل، كما فعل الكثير من سكان الدولة (في إشارة إلى اليهود)، بل هم أبناء وأحفاد سكان البلاد الأصليين الذين بقوا على أراضيهم، بعدما اضطرت الحرب حوالي 750000 من أبناء جلدتهم للجوء عنها'.
واستهجنت الكاتبة تعامل البعض في إسرائيل مع المواطنة في الدولة 'مجرد امتياز يمكن حجبه، وليس كحق أصيل من حقوق البشر الأساسية'.
وركزت هيريمانس في مقالها على وضع الفلسطينيين في اسرائيل الذين 'يشكلون 20% من السكان ولا يملكون أكثر من 3.5% من الأراضي والأبنية'. وأعدت التذكير بأن هؤلاء عانوا، حتى عام 1966، من قسوة الحكم العسكري الذي فرض عليهم بذرائع أمنية، و'هاهم اليوم، في حال إقرار 'قانون الدولة اليهودية' المجحف بحقهم، يقفون بين خيارين؛ إما أن يتكيفوا مع الظلم والتمييز أو يرحلوا عن بلادهم تجاوبا مع دعوة افيغدور ليبرمان!'.
واعتبرت الكاتبة أن إقرار قانون الدولة القومية اليهودية 'سيشرع الباب أمام عودة الشتات اليهودي في العالم في الوقت الذي يوصده أمام حلم أي لاجئ فلسطيني بالعودة إلى بلده، ويسدل الستار على 'النكبة' والتي تعني 'الكارثة' التي حلت بالفلسطينيين عام 1948'.
وأشارت الكاتبة إلى أن 'ثمة بين الإسرائيليين من يرفض هذا القانون الجديد، من بينهم المدعي العام يهودا وينشتاين الذي يعتقد أن القانون يؤثر على الطابع الديمقراطي لإسرائيل'.
'وماذا عن بلجيكا والاتحاد الأوروبي؟' تساءلت الكاتبة في ختام مقالها الطويل، وأجابت: 'آن لنا أن ندرك أن هناك خللا في ما نعتبره ديمقراطية في إسرائيل'. وأضافت 'إن لبلجيكا والاتحاد الأوروبي علاقات قوية مع إسرائيل، تقوم على الافتراض القائل بأننا شركاء في نفس القيم. ولكن على الاتحاد الأوروبي أن يدرك أخيرا أن إسرائيل أصبحت أقل ديمقراطية، وتعميق العلاقات معها من شأنه أن يؤثر سلبا على الطابع الديمقراطي للاتحاد الأوروبي نفسه'.