التاريخ: 21/5/2014
نداء اتحاد المحامين العرب
فــــي
اليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية
من مسلمات التاريخ وعلم الاجتماع والسياسة، ان الثقافة هي روح الحضارة ونور العقل والمعرفة. وليست بالتالي ترفاً فكرياً، بل هي فعل حياة، وساحة صراع من اجل بناء غد افضل، والحفاظ على الهوية والانتماء داخل حركة التقدم الانساني، ويمكن القول اكثر انها من اعادة انتاج الحياة بخط جديد مختلف، وهي ليست ابداً خارج السياسة والاقتصاد والقيم الاجتماعية، ومهمتها ان تكون في الخندق الاول للتحول والتغيير الايجابي، وخلق الوحدة والتواصل والتلاقي في حياة المجتمعات وفي سعادة الانسانية.
وانطلاقاً من اهمية الثقافة على نحو ما تقدم، وقدرتها على تغيير مجرى التاريخ وصنع السلام العالمي، وتأمين الاستقرار والنمو والازدهار، كان اليوم العالمي للتنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية، وكان من الطبيعي جداً ان تتنبه مؤسسات الامم المتحدة الى اهمية الدور الذي يلعبه تنوع الثقافات في خلق الحوارات في المجتمع مع كل الاصعدة لأن الانسان عدو ما جهل.
فالتنوع هذا، انما هو نتاج آلاف السنين، وكل ثقافة تُشكل هوية اصحابها، ولكن هذا التنوع يمكن له ان يكون مصدر غنى وثراء بين الشعوب بحسب توظيفه وفهمه، لا مصدر صراع وتناحر كما يسعى بعض المتطرفين في أصقاع الأرض – بما يسمونه زوراً صراع الحضارات.
ونحن بدورنا في اتحاد المحامين العرب، ومن خلال الفهم الصحيح لدور تنوع الثقافي، بقدر ما ندعو الى الحوار مع حضارات وثقافات العالم المتنوعة للتلاقي وافادة كل جهة من الاخرى، انما ندعو اولاً الى ترسيخ مفهوم التنوع الثقافي الايجابي في مجتمعاتنا العربية والعمل من خلال هذا التنوع المبدع الى ازالة كل العراقيل، وان نقف حاجزاً دون الاندماج المطلوب بين مكونات واعراق المجتمع الواحد لتعزيز التعايش والحوار، لا سيما حوار الاديان، هذه الاديان التي تجد اليوم من ينفخ في نارها ليذكي اوارها، والحوار ضروري اكثر لقبول الآخر قبولاً بقناعة، مما يلغي الصراع المحموم ويرسي قواعد السلم الأهلي ويعزز التنمية والاستقرار، ويلغي بالتالي مظاهر التمييز الطبقي والعنصري.
ونرى من جانب آخر، ان الثقافة التي ندعو اليها في اطار التنوع في عالمنا العربي وأسس المحافظة عليها، يجب ان تنطلق من الاسس التالية:
- تعزيز اللغة العربية التي هي روح الثقافة، واحترام حرية الفكر والتعبير، والتزام عدم التطرف، تأمين العدالة والمساواة، فتح اذن الحوار الايجابي وانفتاح المؤسسات الثقافية على بعضها، تطوير المناهج والبرامج الدراسية الى افق ثقافي معرفي، تعزيز دور وزارات الثقافة والتربية والمجتمع المدني، وتفعيل دور الجامعة العربية وتحديث مؤسساتها.
وفي هذا المناخ الملائم يكون التنوع الثقافي العربي مصدر خصب وثراء، وعامل قوة يهدم كل حواجز الفرقة، ويقيم جسور المحبة، ويؤدي الى اندماج مكونات المجتمع، كما تكون بثقافة عندئذ جسر تواصل وعادلاً مهماً في ترسخ السلام العالمي والنمو الاقتصادي والفكري والعاطفي والمعنوي، والانفتاح الايجابي بين الحضارات. وما احوج العالم كل العالم في هذا العصر المجنون الى تفعيل دور التنوع الثقافي من اجل الحوار والتنمية.
المحامي عمر زين
امين عام اتحاد المحامين العرب