التاريخ: 23/4/2014
نداء اتحاد المحامين العرب
في اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلِّف
____________
ويلٌ لأمّةٍ أغفلت شأن الكتاب... وجفَّ فيها حبر الإبداع
جميلٌ جداً، أن يُعلن مؤتمر اليونسكو المُنعقد في باريس عام 1995، الثالث والعشرين من شهر نيسان من كل عام، يوماً عالمياً للكتاب وحقوق المؤلف، وأن يختار هذا اليوم الذي يُصادف فيه ولادة أو وفاة عباقرة من التاريخ، أمثال: شكسبير، فلاديمير نابكوف، موريس دريون وغيرهم. وأن يختار في كل سنة، عاصمة عالمية لهذا اليوم من عواصم العالم المنارات.كل ذلك تقديرٌ لأهمية الكتاب في حياة الأمم، وحثّاً للعالم وللشباب بخاصة على استكشاف متعة القراءة، واهتداءٌ بما في بطون الكتب من كنوز، واحتراماً لأقلام مُبدعيها، وتقديراً لمُساهماتهم التي مهَّدت الطريق للتقدُّم الإجتماعي والثقافي للإنسانية جمعاء، وصوناً لحقوق هؤلاء المؤلِّفين أصحاب العقول الخلاّقة، وهي بالتالي دعوة دائمة لجعل الكتاب أثمن الهدايا في أعزّ المُناسبات كما هي حال الأمم الراقية مصداقاً لقول الشاعر:
قَلَّبتُ كلَّ ثمينٍ كنتُ أخزُنُه فما وجدتُ به أغلى من الكُتبِ
ومما لا شك فيه أن هذه البادرة، ولو جاءت متأخرة من الأمم المتحدة، إلاّ أنها تؤكِّد، أن الكتاب كنزٌ ثمين، ورفيقٌ أمين، وهو بين الأنام خير جليسٍ على رأي أبي الطيب المتنبي. وأنَّ المؤلِّف، بخزائن علمه، وإبداع فكره، وشمول ثقافته، إنما يُشكِّل ثروة الأمَّة الحقيقية.
ويلٌ لأمّةٍ أغفلت شأن الكتاب، وجفَّ فيها حبر الإبداع
وإذا كان العالم قد انتبه إلى الإهتمام بالكتاب والمؤلف منذ سنوات قليلة على نحو ما تقدَّم، فإن العرب قد مجَّدوا شأن الكتاب منذ عدّة قرون، وجعلوا القراءة جزءاً من عقيدتهم وإيمانهم، وسبقوا العالم إلى الحديث عن متعة القراءة وأثرها في رُقي الشعوب. حتى أن عصر المأمون كان من أرقى عصور التاريخ في التأليف والترجمة من الهندية والفارسية واليونانية، وكان هذا الحاكم يدفع ثقل الكتاب المُتَرجَم ذهباً، وهو ما لم يعرفهُ العالم لا قديماً ولا حديثاً، وزيَّنوا الكتاب بكل أنواع العلوم من الكيمياء والفلك والطب والفيزياء والفلسفة، وطوَّعوا العلوم بلغتهم تعريباً واشتقاقاً حتى أصبحت العربية لغة العالم.
ومن المؤسف والمُحزن، أن أمةٌ هذا تاريخها مع الكتاب والحرف والمؤلف، قد بلغ التراجع الكبير من مُعدَّلات القراءة فيها حدَّاً مُخيفاً حيث أصبح كل مليون شخص فيها يقرأ ربع صفة سنوياً فقط، بينما يقرأ الشخص الأمريكي الواحد أحد عشر كتاباً في السنة، وأن الإصدار العربي بمجمله لا يتجاوز سنويّاً 1650 كتاباً، بينما الولايات المتحدة منفردة تُصدر 85 ألف كتاب في السنة.
أليس من العار أن ينحدر مستوانا إلى هذا الحضيض من الجهل؟! فأين أين أمَّة إقرأ؟! ومن تُراه المسؤول؟! أَهُمُ الحُكّام فقط، أم الشعب، أم المؤامرة، أم دُور النشر والمدارس، أم... وأم...؟! كفى يا وُلاةَ الأمور.. كفى يا بُناة الأجيال، كلكم وكلنا مسؤول... إستفيقوا كي لا نبقى في سباق الأمم على رصيف الإنتظار، وليكن منكم مأمون هذا العصر ليفتح بيت الحكمة من جديد.. وثقوا أنه ما زال في الأمّة جابر بن حيّان، والمتنبّي، وسنان بن قرّة، والجاحظ، وإبن سينا والفارابي وإبن خلدون وإبن رشد، وآلاف آلاف المُبدعين المنسيّين...
المحامي عمر زين
امين عام اتحاد المحامين العرب