القاهرة: لجنة أممية تحذر من دورة جديدة من العنف بالأراضي المحتلة
القاهرة 28-6-2013
حذرت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية ضد حقوق الإنسان في فلسطين، والمواطنين العرب في الأراضي المحتلة من أن السخط الشعبي قد يؤدي لدورة جديدة من العنف في الأراضي المحتلة.
وأعربت اللجنة في بيان لها اليوم الجمعة، صادر عن مكتب الأمم المتحدة في القاهرة، في أعقاب زيارة تقصي الحقائق التي أدتها لعمان والقاهرة في الفترة مابين 22-27 حزيران 2013، من عميق انشغالها إزاء الطيف الشاسع للممارسات الإسرائيلية التي تنتهك التزاماتها كقوة احتلال للأرض الفلسطينية وأراض عربية أخرى.
وأضاف البيان، بأن الممثل الدائم لسريلانكا لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير ت.ب.كوهونا، والذي يتولى حاليا رئاسة اللجنة الخاصة، قال 'إن تواصل اعتقال5000 فلسطينيي من قبل إسرائيل يجب أن يمثل مصدر انشغال للعالم خاصة وأن 20 أسيرا مضربون عن الطعام احتجاجا على انتهاكات مثل الاحتجاز التعسفي والأوضاع المزرية في السجن، ومنع الزيارات العائلية والحبس الإنفرادي وقلة النفاذ للتعليم والإهمال الصحي' مضيفا أن 'الشهود أعلموا اللجنة أن أطباء السجون الإسرائيلية قد خانوا القسم الذي يمثل القاعدة للممارسة الطبية والذي يتطلب إعطاء الأولوية لصحة المريض'.
وذكر السفير كوهونا، أن العديد من الشهود أثاروا حالة ميسرة أبو حمدية الذي توفي هذه السنة بالسرطان بسبب إهمال الكشف والعلاج ولم يتم إرساله للمستشفى إلا بعد انتظار دام أكثر من أربعة شهور، مضيفا 'إن الشهود ناقشوا أيضا وفاة عرفات جاردات وتحدثوا عن دلائل واضحة لتعرضه للتعذيب أثناء إستنطاقه من قبل الإسرائيليين'.
وقال رئيس اللجنة، إن أكثر الشهادات إنذارا تتعلق بالاعتقال والاستنطاق الممنهجين الذين تمارسهما السلطات الإسرائيلية ضد الأطفال الفلسطينيين، مشيرا أن الشهود ذكروا، أن قرابة 200 طفل فلسطيني يوجدون رهن الاعتقال وأن هؤلاء الأطفال يعتقلون في وسط الليل وتغمض أعينهم وتوثق أيديهم بعد أن يكونوا قد تعرضوا لصدمة الاستيقاظ من النوم على وقع القنابل الصوتية وزجاج النوافذ المحطمة وصراخ الجنود الإسرائيليين الموجه لجميع أفراد العائلة أثناء اقتحام المنازل.
كما ذكر الشهود أن مسؤولي الأمن الإسرائيلي يرفضون طلبات الأطفال الفلسطينيين باصطحاب والديهم وطلباتهم الحصول على محامين وأن هؤلاء الأطفال يكونون عرضة للتعذيب والمعاملة القاسية من قبل مسئولي الأمن الإسرائيليين.
واعتمادا على تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للطفولة، والذي أكد على الحاجة الملحة لالتزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي وممارساته خاصة فيما يتعلق باتفاقية حقوق الطفل.
وأكد كوهونا: لقد تعطلت حياة الفلسطينيين في غزة لمدة أكثر من ست سنوات بسبب الحصار الإسرائيلي، مضيفا أن إسرائيل وافقت بموجب اتفاقات أوسلو على منطقة عشرين ميلا بحريا للصيادين في غزة غير أن الجيش الإسرائيلي فرض حدا بثلاثة أميال فقط، وعلمت اللجنة أن إسرائيل مددت نطاق نفاذ الصيادين الفلسطينيين لستة أميال بحرية ثم ما لبثت أن قلصتها مجددا لثلاثة أميال أثناء موسم الصيد.
وأضاف أن صيادين من غزة كانوا يصطادون 4 أطنان من السمك كل سنة، وهم اليوم يصطادون فقط طنا ونصف ، مشيرا أن 80% يعانون من الفقر فيما تتناقص حظوظهم في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم لعائلتهم بسبب العقاب الإسرائيلي القاسي والذي يتضمن مصادرة محركاتهم، فهده السنة تلقينا اتهامات لقوات الأمن الإسرائيلية بالإيقاف والمعاملة المجحفين للصيادين ومصادرة تجهيزاتهم.
وأكد كوهونا، أن اللجنة لاحظت أن 'مزارعي غزة يجدون أنفسهم في ظروف مماثلة إذ أنهم غير قادرين على الاستفادة من زراعة حقولهم التقليدية من الفراولة والقرنفل والأعشاب والفلفل الحلو بسبب المنع الإسرائيلي التام تقريبا للصادرات وتفعيل منطقة عازلة داخل غزة.
وأعربت اللجنة عن أسفها أن الشهادات بشأن المنطقة العازلة عكست ما كانت اللجنة تستمع إليه خلال الزيارات السابقة وبالتحديد أن قلة الوضوح بشأن المنطقة الممنوعة التي تفرضها إسرائيل تخلق مخاطر كبرى للمزارعين الفلسطينيين ذلك أن الجنود الإسرائيليين يطلقون الرصاص الحي على الأشخاص على بعد 300 الى 1000 متر من الجدار.
وسجل رئيس اللجنة أن 'مزارعي غزة غير قادرين على حرث كل أرضهم وأن الكثير مما ينتجونه لا يمكن تصديره' وقد أعلمت اللجنة بأن 'خمسة اشخاص قتلوا وجرح اثنان وتسعون قرب المنطقة العازلة مند نوفمبر 2012 فقط'، مؤكدا أن المجتمع الدولي يجب أن يضغط على الحكومة الإسرائيلية حتى يسمح للصيادين والمزارعين الفلسطينيين بالزراعة والصيد والتصدير.
وأشار رئيس اللجنة إلى أن الـ6 سنوات من الحصار كانت كافية على تشتت المجتمع الفلسطيني، مؤكدا أن العديد من الفلسطينيين في غزة لم يرو أفراد عائلاتهم في الضفة الغربية لسنوات بسبب تقييد الحركة بين غزة وبقية فلسطين، وهناك شعور بأن تقسيم سكان فلسطين بين غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية هو هدف الحصار الإسرائيلي، وإن هدا الأمر يجب أن يكون ضمن أولويات مشاغل مجلس الأمن بالأمم المتحدة.
وقال السفير كوهونا لقد استمعت اللجنة هذه السنة مجددا لشهادات مقلقة بشأن معاملة الفلسطينيين الراغبين في الحصول على رخصة لمغادرة غزة بما في ذلك الضغوط التي يمارسها المسؤولين في اسرائيل لتحويلهم لمخبرين وإجبار النساء على الخضوع لتفتيش وتعرية مهينين، وإن اللجنة تأسف بشدة لمثل هذه المعاملة وتحث الحكومة الإسرائيلية على معاملة الفلسطينيين باحترام وأن تحفظ كرامتهم.
وقال 'إن الشهود أبلغوا اللجنة بالمحدودية الشديدة لفرص التعليم المتاحة أمام أطفالهم بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على السفر خارج غزة للدراسة في المدارس الفلسطينية في الضفة الغربية، وأطلع أعضاء اللجنة على الهجومات الإسرائيلية أثناء عملية 'عامود السحاب' في14 إلى 21 تشرين ثاني 2012، مؤكدا أن اللجنة لديها الكثير من القلق بشأن احترام إسرائيل للقواعد الأساسية للقانون الإنسان الدولي أثناء عملية 'عامود السحاب' فإن لدينا قلقا خاصا إزاء الهجمات التي استهدفت الصحفيين الذين كانوا يغطون الانتهاكات والهجمات الاسرائيلية وإن مثل هذه الهجمات وخاصة تلك التي أدت إلى مقتل الصحفيين، مثلت تعسفا على الحق في حرية المعلومة.
وأكد كوهونا ان اللجنة استمعت إلى شهادات ضافية بشأن البناءات الاستيطانية المتواصلة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ولتفشي ظاهرة عنف المستوطنين الإسرائيليين وسياسة التخطيط الإسرائيلي القائم على التمييز والذي يمنع الفلسطينيين من البناء وحتى من تجديد مساكنهم.
وأشار إلى أن الشهود أكدوا للجنة بأنه حتى في الفترات التي قامت إسرائيل خلالها مؤقتا بتجميد انتشار الاستيطان فإنها سرعت بناء شبكتها من الطرقات التي تربط المستوطنات ومصالح الأعمال الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال 'إن توسع المستوطنات والفرض الأحادي الجانب لمناطق إسرائيلية عسكرية وما يصطلح عليه بالمحميات الطبيعية يضر بوحدة الضفة الغربية، ووصف شاهد آخر كيف تعزل المستوطنات الإسرائيلية والجدار العازل المجموعات الفلسطينية وتفرض إجتثاثها من أرضها. وفي هدا الإطار تم التركيز على قرية الولجة الفلسطينية كمثال يستدعي تدخلا عاجلا من المجتمع الدولي.
واستمعت اللجنة أيضا إلى أن الأشهر الخمسة من سنة 2013 شهدت هدم 42 منشأة فلسطينية وتهجير 149 مقدسيا خارج القدس الشرقية، وذكر أحد الشهود للجنة بأنه لا يتم الإعلام على كل عمليات الهدم فبعض الأسر الفلسطينية تجد نفسها مجبرة على هدم منازلها بنفسها لتجنب دفع مبالغ كبيرة تفرضها حكومةالاحتلال.
وأشار إلى أن اللجنة لاحظت أن قطاع الأعمال بما فيه شركات متعددة الجنسيات تستفيد من مشروع الاستيطان 'إن قطاع الأعمال تقع عليه مسؤولية أن لا يكون شريكا لسياسات وممارسات إسرائيل التي تنتهك بوضوح الحقوق الفلسطينية'، مؤكدا إنه غير المقبول أن لا تكون أية أعمال غير واعية بالطبيعة غير القانونية لأنشطة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وأضاف 'هناك حاجة للعناية الواجبة والدقيقة وللإدراك الواضحة للعواقب القانونية وللتأثير المحتمل على سمعة الشركات المرتبطة بالمشروع الاستيطاني الإسرائيلي.'
وقال رئيس اللجنة 'لقد قيل لنا عدة مرات أن السبيل الوحيد لإنهاء الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية هو بإنهاء الاحتلال. وإننا نأمل أن تتقدم مثل هذه الجهود بسرعة فإننا نسجل أن الوضع الجديد لفلسطين كدولة مراقب يفتح الباب أمام الآليات الدولية التي يمكن أن تواجه العديد من السياسات والممارسات الإسرائيلية التي تنتهك الحقوق الفلسطينية على مدى طويل.
وأضاف أن اللجنة الخاصة ستقدم تقريرا كاملا عن مهمتها وغيرها من الأنشطة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر 2013.
يذكر ان هذه اللجنة الاممية مكونة من ثلاثة دول أعضاء ممثلة بالممثل الدائم لسريلانكا لدى الأمم المتحدة في نيويورك السفير ت.ب. كوهونا )رئيسا(، والممثل الدائم لماليزيا لدى الأمم المتحدة بنيويورك السفير داتو حسين حنيف، ، والممثل الدائم للسنغال لدى الأمم المتحدة بنيويورك السفير فودي ساك.
وأنشأت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الاسرائيلية ضد حقوق الانسان في فلسطين، من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون اول الماضي، بهدف تبحث وضعية حقوق الإنسان في الأراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة، والجولان السوري المحتل.