
اخنقوا فلسطين يا عرب!
جريدة النهار 4-1-2013
بقلم راجح الخوري
الى اين سيصل باراك "بنيامين" أوباما في حربه لخنق محمود عباس وتدمير السلطة الفلسطينية؟ والى متى يمكن بعض الدول العربية التغاضي عن هذه الجريمة البشعة، لا بل المساهمة فيها بالخضوع المعيب للإملاءات الاميركية - الاسرائيلية؟
نعم، السلطة الفلسطينية تختنق. اوباما يطبق على عنق "ابو مازن" تنفيذاً لتهديده الذي ابلغه اياه قبل شهرين ثم اوفد هيلاري كلينتون اليه للغاية نفسها: "إن ذهابكم الى الامم المتحدة سيجلب لكم الكثير من المتاعب ... سيتم خنقكم اقتصادياً، وقد تتسببون بحرب نووية". لكن عباس، الذي كان يعرف انه عرضة حتى للإغتيال، ذهب وحصل على مقعد لدولة فلسطينية غير عضو في الامم المتحدة، وهو ما يعطيها مروحة من الحقوق ويفتح امامها ابواباً للتحرك دولياً ضد تل أبيب التي هالها ان العالم بات امام دولتين: اسرائيل دولة الاحتلال والغزو وفلسطين دولة الحق والارض.
لم تقتصر التهديدات الاميركية على عباس بل وجّهت وبمهانة الى بعض الدول العربية، ذلك ان نتنياهو يضع يديه في رقبة اوباما، الذي لا يكتفي بالقبض على عنق عباس لخنقه بل يرهب بالتهديد الفظ العواصم العربية. وهكذا عندما وقف مندوبو العالم تكراراً وصفقوا لخطاب عباس في الجمعية العمومية، كان الرئيس الفلسطيني يغصّ مرارة من غياب كل وزراء الخارجية العرب الذين تخلّفوا عن مواكبة المناسبة التاريخية خوفاً من نزول الغضب الاميركي الساطع ولم يكن هناك غير وزير خارجية تركيا!
تلك كانت البداية لكن الآتي أعظم وابشع، ذلك ان نبيل العربي، الذي يبدو انه أراد ان يكفّر عن ذنب غيابه عن حضور مناسبة التصويت لدولة فلسطين بالذهاب يوم السبت الماضي الى رام الله، عجز عن اقناع اي من وزراء الخارجية العرب بمرافقته لتهنئة عباس، ليتبين ان العواصم العربية تلقت تهديدات صريحة من البيت الابيض تحذّرها اولاً من الذهاب الى رام الله، وثانياً من الوفاء بالتزاماتها التي تعهدتها في قمة بغداد وفق ما سمي "شبكة الأمان المالية" حيال السلطة الفلسطينية، التي تواجه عجزاً خانقاً اذ لم تستطع دفع رواتب موظفيها، وخصوصاً ان اسرائيل تمتنع عن دفع حصتها من ضريبة المعابر وقيمتها السنوية مليار دولار!
وفي ما عدا السعودية التي تواظب على دفع حصتها من المستحقات للسلطة الفلسطينية، تبين ان الامور وصلت بالبعض الى حدود الفضيحة، وخصوصاً اذا صحّ ان دولاً عربية تنزلق الى اللعبة الصهيونية - الاميركية لخنق هذه السلطة، بعدما اشترطت على "ابو مازن" مقابل الدعم المالي اولاً العودة الى المفاوضات من دون شروط، اي الاستسلام، وثانياً عدم الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة اسرائيل عن جرائم الاستيطان، وبهذا نحن امام حفلة صهيونية - اميركية - عربية لخنق فلسطين المولودة من جديد!