تحالف لا يعوّل عليه!
جريدة النهار
راجح الخوري 22-3-2012
يوم الاربعاء الماضي قرأت مقال باراك اوباما وديفيد كاميرون الذي نشرته صحيفة "الواشنطن بوست" لمناسبة زيارة كاميرون الى واشنطن وهو بعنوان: "التحالف الذي يمكن ان يعوّل عليه العالم".
والواقع انني قرأت نصاً انشائياً ينطوي على كثير من الوهم الزائف، اولاً لانه لا يمكن عالم اليوم ان يعول فعلاً على التحالف بين اميركا وبريطانيا،وثانياً لأن المقال يصوّر عالماً افتراضياً يبدو بعيداً عن الواقع السيئ، الذي يحمل بصمات تعاون البلدين في امكنة كثيرة، من افغانستان التي تنزلق مجدداً الى ايدي "طالبان"، الى المنطقة العربية و"ربيعها" مروراً بالوضع الكارثي لحياة الناس في افريقيا مثلاً.
كان من المبالغة بمكان ان يستهل اوباما وكاميرون مقالهما بالتذكير بزيارة ونستون تشرشل الى اميركا واجتماعه مع فرانكلين روزفلت في 22 كانون الاول عام 1941 غداة الهجوم على بيرل هاربور في السابع من الشهر اياه، اولاً لأنه شتان ما بين روزفلت واوباما وبين كاميرون وتشرشل، وثانياً لأن الانتصار في الحرب قبل سبعة عقود لم يتحول انتصاراً في السلام يمنع الحاجة الى الحرب، والدليل سلسلة الحرائق المشتعلة في دول كثيرة تتورط فيها اميركا وبريطانيا في شكل او آخر!
كان من المبالغة ايضاً، ان يشير المقال الى "شركة من القلب" بين البلدين لحل المشاكل الراهنة في العالم التي لا تقل تعقيداً عن الحروب، في وقت تتسع الهوة بين الشعارات التي ترفعها هذه الشركة والسياسات التي تنفذها في امكنة كثيرة كالشرق الاوسط وافريقيا ومعظم القارة الآسيوية حيث تتعرض حقوق الانسان وكرامة البشر لكثير من الامتهان.
بالنسبة الى العالمين العربي والاسلامي، أرى انه من المعيب لا بل من المهين والكريه، ان يتجاهل مقال اوباما وكاميرون الاشارة، مجرد الاشارة، الى القضية الفلسطينية التي تمثل جريمة العصور وهي التي تحمل بصمات البلدين، بريطانيا عبر وعد بلفور ودعمها قيام اسرائيل على اراضي الفلسطينيين، واميركا عبر انحيازها المطلق الى جانب الاحتلال الاسرائيلي ومعاملته وكأنه الولاية الاميركية الاولى التي تحظى بالدعم الدائم وبالحرص على ضمان ثابت لتفوقها على الدول العربية.
تجاهل فلسطين يشكل اهانة لأميركا واوباما نفسه الذي دخل الى البيت الابيض رافعاً شعار قيام الدولتين، والذي سرعان ما انتهى مهزوماً امام بنيامين نتنياهو يرفض حتى قبول عضوية فلسطين في "الاونيسكو"، وهو تجاهل يشكل اهانة لبريطانيا عضو "الرباعية الدولية" التي تزعم انها تسعى الى تحقيق تسوية عادلة لكنها اعجز من ان توقف هدم بيت فلسطيني في القدس.