التاريخ : الخميس 18-04-2024

نيابة عن الرئيس: السفير دبور يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية في بير    |     الرئيس يدعو لاقتصار فعاليات عيد الفطر على الشعائر الدينية    |     "هيومن رايتس ووتش": التجويع الذي تفرضه إسرائيل على غزة يقتل الأطفال    |     فرنسا تقترح فرض عقوبات على إسرائيل لإرغامها على إدخال المساعدات إلى غزة    |     ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 33,360 شهيدا منذ السابع من تشرين الأول الماضي    |     اليونيسف: غزة على حافة الدمار والمجاعة    |     أردوغان: سنواصل دعمنا للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة    |     قوات الاحتلال تقتحم طولكرم وتعتقل سبعة مواطنين    |     غوتيرش ينتقد منع الصحفيين الدوليين من دخول غزة و"رابطة الصحافة الأجنبية" تعرب عن مخاوفها    |     رئيس الوزراء يلتقي وزير الخارجية السعودي في مكة    |     الرئيس المصري يستقبل رئيس الوزراء محمد مصطفى    |     الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلسة حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية    |     مجلس الأمن يقر بالإجماع إحالة إعادة النظر في طلب فلسطين للعضوية الكاملة إلى لجنة العضوية    |     الاحتلال يمنع رفع الأذان وأداء صلوات المغرب والعشاء والتراويح في حوسان    |     الزعيم الروحي للطائفة المعروفية الدرزية الشيخ موفق طريف يهاتف الرئيس لمناسبة حلول عيد الفطر    |     الرئيس يتلقى اتصالا من الكاهن الأكبر للطائفة السامرية لمناسبة حلول عيد الفطر    |     "القوى" تؤكد أهمية تضافر الجهود لوقف حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا    |     نادي الأسير: الاحتلال يحتجز جثامين 26 شهيدا من الحركة الأسيرة    |     ملك الأردن والرئيسان المصري والفرنسي: يجب وقف إطلاق النار في غزة الآن    |     "العدل الدولية" تبدأ جلسات الاستماع بشأن طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته نيكاراغوا بحق ألمانيا    |     "الأغذية العالمي" يجدد التحذير من مجاعة شمال غزة    |     "الخارجية" تدين جريمة اعدام الأسير دقة وتطالب المنظمات الدولية بتوفير الحماية لشعبنا    |     الاحتلال يعتقل 45 مواطنا من الضفة    |     شهداء ومصابون في سلسلة غارات اسرائيلية على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة
الصحافة الفلسطينية » العدوان على غزة: المناورة التمهيدية للحرب القادمة
العدوان على غزة: المناورة التمهيدية للحرب القادمة

 

العدوان على غزة: المناورة التمهيدية للحرب القادمة

جريدة الايام

 

بقلم  أشرف العجرمي 14-3-2012

أعلن القادة الإسرائيليون أن جولة التصعيد شارفت على الانتهاء، على الأقل هذا ما صرح به وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو وعلى رأسهم وزير الحرب إيهود باراك، حتى نتنياهو نفسه تحدث عن هدوء مقابل هدوء، وهذا على ما يبدو بفعل التوصل إلى اتفاق جديد للتهدئة برعاية مصرية كما في أعقاب كل جولة تصعيدية. ولكن ما يميز هذه الجولة أنها جاءت بمبادرة تامة من الجانب الإسرائيلي الذي قرر خرق التهدئة بعملية اغتيال لقادة من "لجان المقاومة الشعبية واستهداف الأمين العام زهير القيسي، وهو يعلم أن الرد الفلسطيني سيكون اوتوماتيكياً.

هذه المرة قررت إسرائيل أنها بحاجة للتصعيد المحسوب بغزة، أي تصعيدا لا يصل إلى مستوى الحرب الشاملة أو القيام بعملية برية واسعة. وإذا كانت الأنباء التي تحدثت عن اعتزام حركة "الجهاد الإسلامي" قصف تل أبيب ومواقع في العمق الإسرائيلي سبباً في طلب إسرائيل من مصر التدخل لوقف إطلاق النار، الأمر الذي قاد إلى التوصل إلى التهدئة مجدداً، فالأدق هو أن إسرائيل استنفدت أهدافها من هذا التصعيد، ولم تعد ترغب بالمزيد، لأن هذه المواجهة لم تكن تقصد الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك.

أما الأهداف الإسرائيلية من وراء هذا العدوان فهي على الأغلب تجربة مدى فعالية منظومة "القبة الفولاذية" (صواريخ ضد الصواريخ) في التصدي للصواريخ التي تستهدف التجمعات والمواقع الإسرائيلية. ويمكن ملاحظة التصريحات الإسرائيلية التي تعبر عن الرضا من أداء هذه المنظومة في التصدي لصواريخ "الجهاد الإسلامي" التي وصلت في أحد الأيام معدل ما كان يطلقه حزب الله في يوم واحد خلال حرب لبنان في العام2006. وأيضاً أرادت إسرائيل أن تعرف ماذا ينتظرها في حال نشوب حرب واسعة، وماذا يوجد لدى الفصائل الفلسطينية في غزة، ولكن هذا الهدف لم يتحقق بالكامل فقد عرف الإسرائيليون قدرة الفصائل جزئياً، حيث لم تطلق أنواع من الصواريخ ذات المدى الأبعد ضد الأهداف الإسرائيلية، هذا عدا عن أن حركة "حماس" لم تشارك بأي مجهود في هذه المواجهة سوى الحث على التهدئة وطلب التدخل الخارجي، بمعنى أنه لا يزال في جعبة الفصائل ما يمكن أن تفاجئ به إسرائيل، ولكن في إطار لا يصل إلى مستوى التهديد الإستراتيجي.

ما حصل في غزة كان مناورة عسكرية إسرائيلية حية ولكن ليس في حقل رماية فارغ أو مفتوح، بل على أجساد أبناء القطاع الذين لا حول لهم ولا قوة ، ولا غرابة أن يحصل هذا التصعيد الإسرائيلي بعد عودة نتنياهو من زيارة للولايات المتحدة جرى فيها، على ما يظهر، الاتفاق على الحرب ضد إيران بعد وقت يسمح باستنفاد الضغوط الدبلوماسية والعقوبات الاقتصادية. وحتى يتسنى توجيه ضربة عسكرية لإيران تحاول إسرائيل الاستعداد لكل الاحتمالات المتوقعة والممكنة الحدوث في هذه الحالة.

إسرائيل لم تعد تفكر سوى بالحرب، فالخيارات السياسية لم تعد مقبولة على عقلية القيادة الإسرائيلية، وهذا طبيعي عندما يصبح بنيامين نتنياهو الذي لم يفعل شيئاً سوى القضاء على فكرة السلام وإغراق المنطقة في مستنقع الاستيطان الذي من شأنه أن يفتح طريقاً بلا عودة لصراع لا ينتهي، المرشح المفضل تماماً على الشعب الإسرائيلي، وحزب "الليكود" الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات القادمة في إسرائيل. وعندما يبدو المعتدل في إسرائيل منبوذاً ولا مكان له في المشهد السياسي الحالي. ولا شك أن أكثر ما يداعب مخيلة الإسرائيليين هو الدخول في حرب جديدة وتحقيق انتصار عسكري كاسح ومثير للانطباع، ويفضل أن يكون على غرار حرب 1956 أو 1967 أو ضرب مفاعل تموز في 1980 في العراق أو أي حرب خاطفة أخرى، المهم أن تستعيد إسرائيل قوة الردع وتعيد أسطورة الجيش الذي لا يقهر أو الذراع العسكرية الطويلة.

ولا تعبأ القيادة الإسرائيلية بما يمكن أن يترتب على أي حرب من خسائر في الأرواح أو معاناة تلحق بالشعوب المستهدفة، بل لا تهتم بما يمكن أن يحدث للمواطنين في إسرائيل طالما أن المجتمع في إسرائيل يمكن أن يحتمل النتائج، في إطار عملية غسل الدماغ التي تجري للمجتمع الإسرائيلي والتي تقول أن إسرائيل لا يمكن أن تحمي نفسها من التهديد إلا بالحروب ومنع وجود أي قوة أخرى تمتلك أية مقدرات حتى لو كانت جزءاً يسيراً من ترسانتها الرهيبة.

أصوات العقل والسلام غابت تماماً، ومما يجعلها تفقد وزنها بصورة شبه تامة غياب الفعل الفلسطيني والعربي المؤثر الذي يجعل الجمهور الإسرائيلي يعيد حساباته ويشتري الأمن والاستقرار بدفع ثمن السلام وليس بالعربدة والمزيد من الحروب التي لا تولد سوى المزيد من الكراهية والدمار وتهدد مستقبل الأجيال القادمة. ومن الطبيعي أن يؤدي الانقسام إلى المزيد من الضعف والتشتت في الفعل القيادي الفلسطيني وكذلك في العمل الكفاحي.

يجب أن يصحو جميع ذوي الرأي والبصيرة والقيادات في الشعب الفلسطيني ولا يقبلوا بواقع الحال، فنحن لم نحقق انتصاراً في غزة لنحتفل به فخسارتنا فادحة بعشرات الشهداء والجرحى والمزيد من الدمار، والقيادة السياسية لم تستطع فعل شيء لحماية الشعب سوى أن تحمد الله على تحقيق التهدئة دون أي قدرة على حماية الشعب الفلسطيني من بطش آلة الحرب الإسرائيلية التي ستعاود الكرة من جديد في غزة عندما يكون مريحاً لها ويحقق لها أهدافاً معينة، ولا من غول الاستيطان الذي يهدد الوطن والحق في الحرية والاستقلال، ودون قدرة حقيقية على المبادرة التي تعيد القضية الوطنية مكانتها، وتمنح الشعبَ الأمل.

 

2012-03-14
اطبع ارسل