التاريخ : الجمعة 05-12-2025

الحبر الأعظم في المخيمات    |     اللجنة العليا التحضيرية لانتخابات المجلس الوطني تعقد اجتماعها العاشر في رام الله    |     نادي الأسير: قرار الاحتلال نقل المعتقل المسن محمد أبو طير لـ "ركيفت" هو إعدام بطيء    |     خوري: نور السلام الذي يشع من بيت لحم سيبقى حاضرا رغم الظروف    |     إيرلندا وإسبانيا وهولندا تعلق مشاركتها في يوروفيجن 2026 احتجاجا على مشاركة إسرائيل    |     روسيا تؤكد ثبات موقفها تجاه القضية الفلسطينية    |     شيخ العقل يلتقى مبعوث الرئيس الفلسطيني ياسرعباس و سفير دولة فلسطين د محمد الاسعد    |     فتوح: إسرائيل تواصل خرقها الفاضح لاتفاقية شرم الشيخ والقانون الدولي الإنساني    |     الرئاسة ترحب بالبيان الختامي للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية    |     فتوح يرحب بالبيان الختامي لقمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي    |     الرئيس يشكر نظيره الصيني على تقديم 100 مليون دولار دعماً إنسانياً لفلسطين    |     "فتح" ترحب بالموقف الصادر عن الرئيس الصيني بتأكيده على الدعم الثابت لشعبنا    |     هيئة الأسرى ونادي الأسير يعلنون عن أسماء ثلاثة شهداء من معتقلي غزة    |     بحضور السفير الفلسطيني في لبنان جمعية المواساة تحيي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني واليوم الدولي لل    |     السفير الاسعد: الثقافة قادرة على تثبيت الحقيقة وبناء جسور الصداقة بين الشعوب    |     السفير الاسعد يلتقي قيادة حزب طليعة لبنان العربي وجبهة التحرير العربية    |     دائرة التنظيمات الشعبية بمنظمة التحرير: العلاج والتأهيل والسفر للعلاج حق لكل ذي إعاقة    |     "هيئة الأسرى": التجويع والإهمال الطبي مستمران في سجون الاحتلال    |     الجمعية العامة تصوت على قرار يدعو لانسحاب إسرائيل من أرض دولة فلسطين    |     "مقاومة الجدار والاستيطان": 2144 اعتداء نفذها الاحتلال ومستعمروه في تشرين الثاني الماضي    |     "الإحصاء": تضاعف الإصابات الجسيمة في غزة إلى 42 ألفاً وارتفاع حاد في حالات البتر    |     فتوح يرحّب بالقرار الأممي الداعي إلى تسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية    |     رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: الوقت قد حان لاتخاذ خطوات حاسمة بشأن القضية الفلسطينية    |     الرئاسة تثمن موقف الإجماع الدولي بالجمعية العامة لصالح إنهاء الاحتلال على الأرض الفلسطينية في القدس
اخبار متفرقة » حركة "حماس" في ظل تحولات الخارطة العربية

 

 حركة "حماس" في ظل تحولات الخارطة العربية

 

وكالة أنباء موسكو: 14-2-2012

تضع التصريحات الأخيرة لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل بين أيدينا عدداً من المعطيات، تظهر بداية تحول في العقيدة السياسية للحركة فرضته مقاربات برنامجية مستحدثة على وقع ما تشهده الخارطة العربية من تغيرات بنيوية، طاولت العديد من الأنظمة السياسية تحت ضغط حراك الشارع، وآلت في تونس والمغرب ومصر إلى حصول حركات "الإسلام السياسي" على مواقع الصدارة في الانتخابات البرلمانية، وبحكم المؤكد ستتبعها شقيقات لها في بلدان عربية أخرى.

مشعل أقر في تصريحاته أن "حماس" تتفق مع غريمتها "فتح" على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الأراضي المحتلة في العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأضاف أن "حماس" ستركز في عملها مستقبلاً على الكفاح الشعبي في مواجهة الاحتلال. ومن الحري بالملاحظة أن أياً من أعضاء قيادة الحركة لم ينف ما أشيع عن توجيه مشعل إيعازاً إلى كتائب عز الدين القسام –الجناح العسكري لـ "حماس"- بتجميد المقاومة المسلحة ضد إسرائيل إلى أجل غير مسمى، إنما اكتفى قياديو الحركة بالتشديد على أن من حق الفلسطينيين مقاومة الاحتلال بكل الوسائل.

وجرَّت تصريحات مشعل ردود فعل وتحليلات متناقضة، حيث تحدثت بعض المصادر عن نشوب خلافات واسعة بين قيادة "حماس" في الخارج وقيادتها في قطاع غزة، وبالمقابل رحبت قيادة "فتح" بالتصريحات، بينما امتنعت باقي الفصائل والقوى الفلسطينية الرئيسية عن التعليق.

كما تباينت الآراء في تقدير ما سيترتب على هذه التصريحات، فكان من بين الآراء من اعتبرها "تحولاً دراماتيكيا قد يفضي إلى تغير استراتيجي في المنطلقات العقائدية لـ "حماس"، وعلى العكس من ذلك رأت فئة من المحللين أن تحول خطاب "حماس" في هذه المرحلة "لا يستنتج منه بالضرورة تغيير استراتيجي في برنامجها".

 وذهب آخرون إلى أن من سيقطع بحقيقة تصريحات مشعل هو صمودها أمام الاختبار العملي، ويجد كثيرون أن لهذا الرأي تسويغاً مقبولاً في دعوة الجميع إلى عدم التسرع في إطلاق أحكام مسبقة، إذ ليس بإمكان أحد أن يعطي حكماً قبل إجراء قراءة متمعنة في حيثيات ثلاثة أسس -بالدرجة الأولى- نشأ عنها التحول في الخطاب السياسي لـ "حماس"، حسب ما عُبِّر عنه على لسان مشعل:

 

أولها حاجة "حماس" راهناً إلى إنجاح المصالحة مع "فتح". وثانيها استعصاء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية وانسداد أفقها. وثالثها ما يعصف ببنية النظام الرسمي العربي من تغيرات، حملت معها صعود حركات "الإسلام السياسي" إلى سدة الحكم.

في الأساس الأول شكلّت "حماس" خلال السنوات الست الماضية أحد قطبي الانقسام السياسي والكياني الفلسطيني، ومثَّل صراعها التناحري مع "فتح" على السلطة العقبة الرئيسية أمام مؤتمرات الحوار الوطني، واستعادة الوحدة الوطنية بالاستناد إلى القواسم المشتركة في مقاومة الاحتلال.

 وأثبتت الوقائع بالملموس أن تجربتها في الحكم وسيطرتها على قطاع غزة لم تعط مثالاً مغايراً لتجربة "فتح" وانفرادها بالسلطة حتى العام 2006، من حيث إقصاء الآخر، وانتفاء وجود فصل واضح بين الهيكل التنظيمي –السياسي والعسكري- للحركة باعتبارها حزباً حاكماً وبين مؤسسات السلطة باعتبارها مؤسسات وطنية جامعة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أداء الحكومة المقالة في غزة أبعد عن "حماس" فئات واسعة ممن كانوا يناصرونها، بالإضافة إلى تأثير فشل جهود  كسر الحصار الإسرائيلي، وما يُتناقل على ألسنة العامة في قطاع غزة من مظاهر فساد بدأت تطفو على السطح، فضلاً عن الصعوبات المالية واللوجستية التي تمرُّ بها الحركة.

وبدا يغدو تقديم تنازلات لتحقيق المصالحة صفقة مجزية، تستطيع من خلالها "حماس" أن ترفع عن كاهلها مسؤولية استمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، والحفاظ على الجزء الأكبر من مكتسباتها، وإعادة تقاسم السلطة مع "فتح"، وتحسين صورتها أمام الداخل والخارج. وفي حسابات الحركتين، على حد سواء، إن احتمالات إجراء انتخابات المجلسين الوطني والتشريعي ورئاسة السلطة -بالتزامن- في شهر أيار (مايو) القادم تبقى شبه معدومة، لذلك سيرسو الحل على صفقة محاصصة في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.

وتنطلق "حماس" في الأساس الثاني من قناعة تفيد أن لا جدوى من محاولات انتشال المفاوضات الفلسطينية -الإسرائيلية من مأزقها، وهذا يعني تبريد خلافاتها السياسية المحتدمة مع فريق رئاسة السلطة، مما يفسح مجالاً لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني مرحلياً.

أما في الأساس الثالث فإن "حماس" تجد نفسها ملزمة بتخفيف الضغط السياسي الخارجي عن حركات "الإسلام السياسي" التي انتقلت إلى كرسي الحكم، أو تلك التي تستعد لذلك، وعلى هذه الخلفية يصبح ضرورياً أن يعاين قادة "حماس" الواقع الانتقالي في تونس والمغرب ومصر خاصة، حيث من غير الوارد في سلم الأولويات مطلب إعادة النظر جذرياً في العلاقة مع إسرائيل، فأقصى ما هو متوقع في المرحلة القادمة، حسب وصف السفير الإسرائيلي السابق في مصر والأردن شمعون شمير، "أن يحل محل السلام البارد والمستقر سلام جامد قابل للإضرار به". من هنا إن تجميد "حماس" للمقاومة المسلحة، وقبولها بمبدأ قيام دولة فلسطينية مستقلة في حدود الأراضي المحتلة 1967،  كفيل بتخفيف الضغوط على الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر وحزب "البناء والتنمية" الإسلامي في المغرب، كما يريح "الإخوان المسلمين" في الأردن ويضع بين أيديهم سلاحاً مهماً في سياق مطالبتهم الملك عبد الله الثاني بفتح صفحة جديدة من العلاقات مع قادة "حماس"، خاصة بعد الزيارة التي قام بها خالد مشعل إلى عمان برفقة ولي العهد القطري.

إن ما سبق، ينطوي على استخلاصات لفهم حقيقة المقاربات البرنامجية المستحدثة في الخطاب السياسي لحركة "حماس"، وبعيداً عن الإحكام النظرية المسبقة، إن اكتمال دائرة ولادة تحوُّل مفصلي في العقيدة الأيديولوجية للحركة، أو بقاء المقاربات البرنامجية في حيز اشتقاقات ظرفية متقلبة، سيكون وثيق الصلة بالصيغة التي سيعاد من خلالها تشكيل الإجماع القومي العربي إزاء القضية الفلسطينية، والحلول المطروحة لها، بمشاركة فاعلة لحركات "الإسلام السياسي"، التي انتقل قادتها في ثلاثة بلدان من غياهب السجون والإبعاد والإقصاء والتهميش إلى سدة الحكم، وسيتبعهم آخرون.

2012-02-14
اطبع ارسل